إما نتنياهو وإما أورتاغوس
آخر تحديث 14:43:11 بتوقيت أبوظبي
الجمعة 9 أيار ـ مايو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

إما نتنياهو وإما أورتاغوس

إما نتنياهو وإما أورتاغوس

 صوت الإمارات -

إما نتنياهو وإما أورتاغوس

بقلم : غسان شربل

 

حينَ وُلدت نائبةُ المبعوث الأميركي إلى لبنانَ مورغان أورتاغوس في 10 يوليو (تموز) 1982 كانَ المشهدُ كالتالي: دباباتُ الجنرال آرييل شارون تطوِّق بيروتَ من كلّ الجهات، وطائراتُه تدكُّ المدينةَ بلا رحمة. كان اسمُ جنرال المدينة ياسر عرفات بكلّ هالةِ قضيته ورمزيةِ كوفيته. جمعَ عرفات الحلقة الصغيرة حوله وطلب الاستعداد للقتال ستةَ أشهر ثم نرى. والرواية من هاني الحسن الذي كانَ مشاركاً.

وفي تلك الأيام كانَ رئيس الوزراء اللبناني شفيق الوزان يتَّصل بالملك فهد بن عبد العزيز ليتَّصلَ بدوره بالرئيس رونالد ريغان لتأمين قطرةِ ماءٍ وومضة كهرباء لأوَّلِ عاصمةٍ عربية تحاصرُها إسرائيل. لم يكن «حزب الله» قد وُلد بعدُ، وهو سيُولد بمبادرةٍ إيرانية وتسهيلٍ سوري على دويّ الغزوِ الإسرائيلي الفاحش.

وفي تلك الأيام كانَ اسمُ السيد الرئيس حافظ الأسد. الصورةُ مختلفةٌ الآن. بشار الأسد وريث والدِه حافظ يقيم في لجوئه «الإنساني» في روسيا. ويجلس على الكرسي الذي شغله آلُ الأسد في قصر الشعب رجلٌ اسمُه أحمد الشرع.

وفي تلك الأيام اكتشفتِ المدينةُ أنَّ الخيار صعبٌ ومؤلم: إمَّا طائرات شارون وحِممها وإمَّا نصائح المبعوث الأميركي اللبناني الأصل فيليب حبيب. وكانتِ اللعبةُ واضحةً. كلَّما عاندتِ المدينة تعود الطائراتُ لتأديبها ودفعِها إلى القَبول بشروط المبعوث الأميركي. في البداية ارتفعت في المدينة أصواتٌ تتحدَّث عن ستالينغراد وهانوي، لكنَّ طوفانَ النار وانكسارَ ميزان القوى لم يتركا أمام عرفات وقواتِ «منظمة التحرير» غير طريق السفن؛ فأبحرتِ القضية إلى منفى جديد.

بين ولادة أورتاغوس وزيارتِها الأخيرة إلى لبنانَ تغيَّر العالم كثيراً. غادرت إلى متاحفِ التاريخ إمبراطورية اسمُها الاتحاد السوفياتي، وخانت دولُ أوروبا الشرقية عباءةَ ستالين، ووقع العالمُ في عهدة قوةٍ عظمى وحيدة اسمُها أميركا.

وبين الولادة والزيارة، شنَّ أسامة بن لادن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، واقتُلعَ تمثالُ صدام حسين في بغداد، وتدفَّق النفوذُ الإيراني في الإقليم. وبعد نحو عَقدين، اقتُلعَ تمثالُ حافظِ الأسد في دمشقَ، واغتيلَ قادة «حماس» وبينهم مطلق «الطوفان» يحيى السنوار، واغتِيلَ حسن نصر الله وكثيرٌ من رفاقه.

حين هبطت طائرة أورتاغوس في مطار بيروتَ في زيارتها الأخيرة، كان العالمُ على الشكل الآتي: أطلق جنرال البيت الأبيض دونالد ترمب حرباً تجاريةً يعجز أبرع الخبراءِ عن التكهن بنتائجها. أوروبا المذعورة تنتقد انقلاب أميركا على حلفائها. والصين تتحسَّس هول المبارزة. والدول الصغيرة تستعدُّ لارتفاع أسعار السلع ومعدلات الفقر والاضطراب الكبير.

وفي الوقت الذي كانَ فلاديمير بوتين يستكمل بِوُدٍّ أميركي ظاهر شروطَ الاحتفال بانتصاره الأوكراني، كانتِ الطائرات الأميركية تطارد مخابئَ الصواريخ الحوثية وأنفاقها عقاباً على تهديد الملاحة في البحر الأحمر، وتَوهُّم أنَّ الشرطي الأميركي سيترك الممرات البحرية في عهدة الفصائل وترساناتِها الإيرانية.

وفي هذا الوقت الذي عجزت فيه إيرانُ عن إنقاذ أذرعها كانَ على طهرانَ أن تجيبَ عن رسالة ترمب. لا يتعلَّق الأمر فقط بالموافقة على تفكيك الحلم النووي، بل يتعداه إلى التنازل عن حلم الدولةِ الكبرى المحلية التي تفتخر بامتلاك مفاتيح الحرب والسلم في أربعِ خرائطَ. هدَّد ترمب إيران بأشياءَ سيئةٍ ما لم تسلِّم بأنَّ ترتيب شؤون المنطقة وشجونها مهمةٌ أميركية، وليست مِن حقِّ مَن تتوهَّم أنَّها «دولة كبرى محلية».

حين هبطت طائرةُ أورتاغوس في بيروت، كانت قوات بنيامين نتنياهو تتابع تقطيعَ أوصال غزة. يَا لَلهول! لم يتعذَّب شعبٌ منذ الحرب العالمية الثانية بمقدار عذابات أهل غزة. البيتُ ركام. والخيمة موعودة بالنار. وكل إقامة مؤقتة. وأوامرُ الإخلاء تتلاحق. تحتفظ «حماس» بما تبقَّى لديها من الرهائن، لكن نتنياهو حوَّل غزة بكاملها إلى رهينة تغرق في الدم والركام وانسدادِ الأفق. والمشهد شديدُ الإيلام. عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم في صفقات التبادل أقلُّ بكثير من عدد القبور التي حفرها نتنياهو لأبناءِ غزة. ترسم إسرائيلُ بالنار والدم حزاماً أمنيّاً على أرض غزة. رسمت حزاماً مماثلاً بإبادة القرى اللبنانية المتاخمة لحدودها. تطالب بحزام مماثل داخل الأراضي السورية. ولا تتردَّد في تحذير تركيا من حلم المرابطة على مقربة منها.

ما أصعبَ مهمةَ جوزيف عون! وما أصعبَ مهمةَ نواف سلام! وما أقسى الأسئلةَ المطروحة على نبيه برّي! يعرف الرؤساء الثلاثة معنى عودة الحربِ إلى غزة على رغم الهدنات ووقف النار. يعرفون أيضاً حجم التفويض الذي أعطاه ترمب لنتنياهو. يدركون أنَّ الأمر يتخطَّى، هذه المرة، وضعَ ضمادات متواضعة على جروح مشتعلة. يعرفون معنى تهديدِ إسرائيل بأنَّها لن تسمحَ بعد الآن بتنامي ما تسميه الأخطار قربَ حدودها. المطلب الأميركي - الإسرائيلي واضحٌ، وهو نزع الترسانات من أيدي الفصائل وليس مجردَ إقناعها بوقفِ إطلاق النار. ويعرفون أنَّ الانتظار ليس أفضل مستشار. وأنَّ الأيام قد تحمل ما هو أدهى.

ينشغل اللبنانيون بالزائرة الأميركية. يفتّشون في تاريخها. مُعلِّقةً وناطِقةً ومُحلِّلةً. يعرف المسؤولون أنَّ استنتاجات الزائرة الجميلةِ ستمسُّ مصيرَ الوضع اللبناني. وأنَّ مطالبها القاطعة أخطرُ بكثير من الْتِماع نجمة داود في زينتها. لبنان ليس قادراً على احتمال عودة الحرب. «حزب الله» ليس قادراً على العودة إلى الحرب خصوصاً حين يلتفت إلى اليمن وسوريا. تضغط إسرائيلُ وأميركا لإخراج غزةَ من الشق العسكري في النزاع مع إسرائيل. تضغطان أيضاً لإخراج لبنانَ وسوريا من هذا النزاع.

يعرف عون وبرّي وسلام قسوةَ المشهد وفداحةَ الخلل في ميزان القوى. يعرفون أنَّ المرحلة هي مرحلة خيارات مؤلمة في غزةَ ولبنانَ وسوريا. يتذكرون أنَّه حين وُلدت أورتاغوس كانَ الخيار بين طائرات شارون وشروط فيليب حبيب. يعرفون أنَّ الخيار اليوم هو بين طائرات نتنياهو وشروط أورتاغوس. يدركون أنَّ الأخطاءَ في الحسابات قادت إلى كوارثَ هنا وهناك وهنالك. وأنَّ إسرائيلَ اليوم أكثرُ وحشيةً من أي وقت مضى. وطبيعي أنْ ينتظروا ماذا سيقولُ ترمب لزائرٍ اسمُه نتنياهو.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إما نتنياهو وإما أورتاغوس إما نتنياهو وإما أورتاغوس



GMT 20:19 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

يوم الفرار الرهيب: الحرب تنتقل

GMT 20:17 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

مُدافع «الإنتر» الذي تعلّم الرجولة

GMT 20:16 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

بلزوني: نهاية القصة!... عودة أخرى

GMT 20:15 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

اصطياد الأدمغة لا يكفي!

GMT 20:15 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

التفوّق السينمائي والإحراجات الفلسفية

GMT 20:14 2025 الجمعة ,09 أيار / مايو

قراءة في المشهد الليبي المأزوم

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ صوت الإمارات
اجتمعت عاشقات الموضة الشهيرات في الوطن العربي خلال الساعات والأيام الماضية على تفضيل اللون الأسود لتزيين أحدث ظهور لهن، حيث تكاثفت إطلالات النجمات المتألقات بالأزياء السوداء، وزينت مواقع التواصل الإجتماعي، وطغت على اختياراتهن الأناقة والتفاصيل المعاصرة، كما تنوعت تلك الأزياء بين ما يناسب النزهات الصباحية، وأخرى للسهرات، ولأنه اللون المفضل في كل المواسم دعينا نلقي نظرة على أحدث إطلالات النجمات، لعلها تلهمك لاختيار إطلالتك القادمة على طريقة واحدة منهن. إطلالة نانسي عجرم ملكة البوب العربي نانسي عجرم عادت لصيحتها المفضلة في أحدث ظهور لها، من خلال اختيار موضة الجمبسوت المرصع الذي تفضله كثيرا في حفلاتها، ولم تتخل الفنانة اللبنانية عن لونها المفضل الذي رافقتها مؤخرا بكثير وهو اللون الأسود، حيث اختارت جمبسوت مرصع كليا بالت...المزيد

GMT 14:57 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

"نوافذ حجر" بديكورات رائعة تعزّز فخامة منزلك

GMT 15:43 2017 السبت ,24 حزيران / يونيو

​تزيين المنازل في المناسبات

GMT 12:07 2016 الخميس ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هاني جهشان يوضّح حالات وطرق رتق غشاء البكارة

GMT 17:01 2019 الأحد ,11 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 13:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"تنفيذي الشارقة" يناقش تطوير قطاع السياحة

GMT 11:23 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فراس سعيد يكشف عن دوره في "التاريخ السري لكوثر"

GMT 05:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تويوتا أكثر شركات السيارات بحثًا في غوغل عام 2018

GMT 08:12 2015 الإثنين ,27 تموز / يوليو

الإمارات تساهم فى اعادة تشغيل الكهرباء فى عدن

GMT 12:09 2015 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل 30 شخصًا و600 مفقود في انزلاق تربة في غواتيمالا

GMT 07:17 2015 الجمعة ,30 كانون الثاني / يناير

الحيوانات الأليفة تساعد في التغلب على الإجهاد

GMT 17:20 2015 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

الطقس غائم وحار حتى الخميس المقبل في الإمارات

GMT 05:42 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

ولادة عدد من الحيوانات المهددة بالانقراض في المغرب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates