قراءة في وجوه عابرة

قراءة في وجوه عابرة

قراءة في وجوه عابرة

 صوت الإمارات -

قراءة في وجوه عابرة

بقلم : ناصر الظاهري

ثمة حزن بطيء على وجوه الأوروبيين، خصوصاً أولئك الجادين، والذين ينهضون لأعمالهم من فجرهم القارس، وكانوا قد واجهوا بعد الحرب العالمية الثانية أموراً بشعة، ظلت معهم طويلاً، لا يدري الغريب عنهم سبب تلك الكآبة التي تكبر يوماً عن يوم،

ربما مردها الضرائب التي تشعرهم بالغبن دائماً، وتشعرهم بأنهم يعلفون بقرة لن تشبع أبداً، ولن تسمن في قادم الأيام، وربما مردها للشتاء القاسي، ومغيب الشمس عنهم لأشهر، مما يدخلهم في الحزن الضبابي، والليل الطويل، وخفوت الإضاءة، والتي تعالج نفسياً بإشعال إضاءة البيت لوقت أطول، لكن حتى هذا العلاج مكلف للأوروبي لغلاء الطاقة، وفاتورة آخر كل شهر، وفواتير عيد الميلاد، وآخر السنة الميلادية.

البعض يرجع هذه الكآبة لعدم وضوح المستقبل، والخوف من فقدان مصادرهم المالية الثابتة، لذا تجدهم يتعبون كثيراً في يومهم، وخاصة النساء، ولا فرج لهم إلا نصف السبت ونهار الأحد، لذا تجدهم يغيبون في فرح وبهجة مبالغ فيهما، لكنهم يتمنون أن تمدهم بطاقة طوال أيام العمل، وحدهم الإيطاليون والإسبان يضربونها بكعب اللامبالاة، ولا يجعلون الأمور تثقل طبيعتهم المرحة، وما يتصف به مناخ حوض البحر الأبيض المتوسط الذي يطبعهم بطابع حب الحياة، ولو بأقل الأشياء.

هناك سبب قد لا ينتبه له الأوروبيون، ربما لطبيعة حياتهم، ومستلزمات مجتمعهم، وهو الدفء العائلي، والمشاركة الجماعية في فرح أو حزن، دائماً ما يشعرك الأوروبي بأنه وحيد في مشوار حياته، لأنه يخاف من الالتزامات العائلية، وخاصة المالية، والتي تخص الوقت، لذا يفرض على نفسه الاستقلال منذ بواكير الشباب، وهذا أمر مفيد لحد ما، ولكنه مع الوقت يصبح نوعاً من العزلة الاجتماعية، لذا يحب الأوروبي الهجرة، ويتلهف لأي عمل في الخارج، فهو يظل محافظاً على استقلاليته، وعلى نوع من العلاقات الاجتماعية المحدودة، وتكوين أسرة صغيرة ربما أو يعيش حياة عزوبية طويلة، مكتفياً بعلاقات المشاركة مع الجنس الآخر، وأمر آخر مهم أن السفر يمكنه من التهرب بشكل قانوني من الضرائب، وتخفيف الضغوط اليومية التي تفرضها الحياة في أوروبا، والتفكير في كل شيء باليورو والسنتيم، وتأمين المستقبل الذي يخافه كثيراً.

هناك ثمة حسد لم يكن موجوداً في حياة الأوروبي، ربما لم يكن أمراً ظاهراً، إلا كطبيعة إنسانية، اليوم الأوروبي ينظر للآخر بحسد، وغل واضح، انعكس على علاقاتهم مع نظامهم السياسي والاجتماعي، لذا هم اليوم يشتهون التغيير كل فترة، لعل بارقة من أمل تزيح تلك الكآبة التي تكبر، والحزن البطيء الذي تسلل لحياتهم المنعمة، وحريتهم التي دفعوا ثمنها دماً سال على الطرقات والساحات العامة!

المصدر : الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في وجوه عابرة قراءة في وجوه عابرة



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates