«شايفة وعايفة» 2

«شايفة.. وعايفة» -2-

«شايفة.. وعايفة» -2-

 صوت الإمارات -

«شايفة وعايفة» 2

ناصر الظاهري
ناصر الظاهري

لا شيء يجعل من «سهيلة» مستقرة في عقر دارها، وتراعي عيالها، وتترك عنها رحلتي الشتاء والصيف، وتكتفي بقول شعارها الاستسلامي المعتاد: «أنا شفت.. وعفت»، إلا حين سماعها أنباء عن أوبئة انتشرت مؤخراً، وقد تنبأت منذ فترة طويلة بأن الصينيين سيجلبون لنا مرة وباءً من الذي يأكلونه من «غش وحصوصة وحلاط ودواب وطحالب، وديدان الأرض»، المهم من سمعت في ذلك الصيف البعيد بتلك الحمى التي هبّت رياحها من المكسيك حتى خمدت ولبدت، ولاذت بالصمت، واقترحت هي من خاطرها: «أن هذا الصيف شو رأيك يا أبو عيالي ما نسافر، ونروح نقيّض عند أهلك في العين، ونتطّاعم من خرايفها.. الله عليك يالعين، دار الزين».
فبرقت عيناي بالفرح حينها، لأن لا خسائر زائدة هذا الصيف، وأن هناك أملا بالطيران وحيداً، بجناح بعيد، والعذر موجود: «والله طلبونا المعازيب، وإلا عندي فحوصات لعرق النسا»، وهو من الأمراض التي أزجها في وجهها عند الضرورة القصوى، فتقول: «خلّ عنك العرج، مرادك في النساء يالماصخ»!
العذر الأول لن تعارضك، ولا تريد براهين، ولا سلاطين عليه، وتعرف هي أن لا أحد يخالف الرأي، والشور إن جاك مرسال، أما العذر الثاني فيكفيها أن تضلع، وتكح يومين فقط، وستقول لك: «روح الله يحفظك، بس لا تبطئ علينا عاد»!
مشكلة سهيلة «العوفة» - والعوفة هنا راجعة للمشكلة، وليس لسهيلة، إلا إذا اعتبرنا سهيلة مشكلة- على كل حال، من تسمع أن هناك مرضاً انتشر في بقعة، ولو كانت في أقاصي الصين أو أبعد من المكسيك، تظل تتشكى من عوارض هذا المرض الذي قرأت عنه في الصحف، وسمعت عنه في الأخبار، وما دار في أحاديث جاراتها اللائي على نفس المستوى معها من العلم والفهم «النسائي»، تبقى، تتشكى: «خاصرتي تعورّني، أو آنسّ عرج في كتفي أو عظامي متبريدة» فتضيف سهيلة وجاراتها أعراضاً جديدة لحمى الخنازير غير معروفة، ولا ظهرت على المصابين في المكسيك، وحين تراها على ذلك الحال الذي لا يسر، لا ضمان، ولا ثقة، تزيد وساوسها، وتقول لها: «الله يكفي المسلمين الشر، يقول لك هاي حمى الخنازير من تنشب في الواحد ما تفجّه، إلين يتيبس ظهره، ويازم جلده مشعرّ مثل الشوج، وتالي ينجلب على شيفة ذاك الماهوب، وهذا كله سخط تراه، وفي واحد يقولك عقب ما صابه تمّ يطرّب في الحارة، ما عارفين شو بلاه»!
فشعرتُ فعلاً أنها بدأت تسخن، وتحمّ، وعينها اليسرى ترف دونما انقطاع، وصارت العين اليمنى أصغر من أختها، فضحكت، وقلت لها: «ها.. شو.. ريلي على ريلك إلى المكسيك، وإلا التوبة»!
ومن بصائر سهيلة، ما يحصّل الأولاد إجازة نصف السنة، وإلا في عيد الفصح الـ «إيستر»، إلا ولزّمت علينا، العمرة، «يا بنت الحلال عيّني خير، العمرة، مب ضراة ياعدة، كل سنة مرة، ومرتين، حتى مرات ما يواحيلك تسوين ذنوب علشان ينمسّحَنّ، وتزاحمون خلق الله ما يلقون يعتمرون إلا مرة في حياتهم، وأنتم لأن عندكم فلوس، خط المغفرة رايح جاي، اتقوا الله»، لكن تلك الغضبة الإسلامية، لم تنفع مع سهيلة، وأعطتني الأذن الصمخاء، حتى سمعت بـ «كورونا»، فأرخت حبالها، واستقرّ بها النوى، وكثرت من الاستغفار، والدعاء، وصارت مكة المكرمة، والمدينة المنورة أبعد من المكسيك، والآن صار لي ولها سنة ونصف ما ظهرنا من باب البيت، هي تقول: «هذه دعواتي عليك»، وأنا أقول لها: «أنا شفت وعفت»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«شايفة وعايفة» 2 «شايفة وعايفة» 2



GMT 03:30 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

القطب التيجاني... وحماية المستهلك الروحي!

GMT 03:11 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 03:10 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 03:08 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 01:24 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

طالبات مواطنات يبتكرن جهازًا للوقاية من الحريق

GMT 05:07 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الفيصلي يقف على أعتاب لقب الدوري الأردني

GMT 08:12 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي أفكار مختلفة لتقديم اللحوم والبيض لطفلكِ الرضيع

GMT 04:05 2017 الثلاثاء ,25 إبريل / نيسان

فريق "العين" يتوّج بطلًا لخماسيات الصالات للصم

GMT 04:55 2020 الثلاثاء ,15 أيلول / سبتمبر

أحمد زاهر وإبنته ضيفا منى الشاذلي في «معكم» الجمعة

GMT 18:24 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مجوهرات "شوبارد"تمنح إطلالاتك لمسة من الفخامة

GMT 05:40 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

هبوط اضطراري لطائرة متوجهة من موسكو إلى دبي

GMT 22:49 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

منزل بريستون شرودر يجمع بين التّحف والحرف اليدوية العالمية

GMT 21:38 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد وخالد بن زايد يحضران أفراح الشامسي والظاهري بالعين

GMT 04:11 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ظهور القرش الحوتى "بهلول" في مرسى علم

GMT 00:56 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

تعرف على فوائد وأضرار الغاز الطبيعي للسيارات

GMT 00:14 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

صيحة الدانتال لمسة جديدة للأحذية في ربيع 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates