المتأسلم المستأسد

"المتأسلم المستأسد"!

"المتأسلم المستأسد"!

 صوت الإمارات -

المتأسلم المستأسد

بقلم : ناصر الظاهري

من يقف خلف خلق صورة للمسلم الجديد، وكأنه مشروع تفجير مؤقت، وأنه ذو السُحنة المتجهمة دائماً، الغاضبة من شيء لا تعرفه، البعيدة عن النظافة بتلك الأسمال الغليظة البالية؟ لمَ لا نجد صورة كاريكاتورية للمسلم في الصحافة الغربية، وحتى العربية مبتسمة أو على الأقل طبيعية إلى حد ما، بعيداً عن السخط والغضب والاشتعال الذي يدمره، ويدمر غيره معه؟! لقد تتبعت الصحف العربية والأجنبية، وخاصة بعد الأحداث، فلم أجد صورة قريبة للمسلم، وكأن كل المسلمين في العالم يشبهون من فجّر نفسه بحزام ناسف أو هدد متسوقين في محل تجاري عام أو من مر بشاحنته على محتفلين بعيدهم الوطني، وأبادهم عن بكرة أبيهم، رغم أن هؤلاء الفاعلين أشبه بالرجال العاديين من الصورة النمطية، لمَ صور هؤلاء المذنبين لا تشبه الصورة النمطية للمتأسلم الجديد الذي يريد الغرب تسويق صورته؟! لمَ يصرون على وضع صورته النمطية في ثوب عربي أبيض، وهو ملتح بشعر كثيف ومبعثر، وأسنانه فُرق، ولا يبتسم إلا ساخراً أو حين يواتيه النصر على الكفار؟! أما في العموم فهو مكفهر، مستأسد، غاضب، متوعد، وكأنه صنم «أفغاني» أو ما تبقى منها، ومن حروب ذلك البلد الجبلي المجهول، والذي دمر على فترات متعاقبة: الغزو السوفييتي، حروب أميركا الأفغانية، حروب الأخوة الأعداء، انتصار المجاهدين بدعم الأفغان العرب، وتصدير هذا الزهو بقيام خلافة إسلامية في بلدانهم التي دعمت جهادهم الإسلامي ضد الشيوعية الملحدة، هذا بخلاف حروب الشركات المتعددة الجنسيات، والأجهزة الأمنية المختلفة في الساحة الأفغانية.

من صدر لنا صورة المسلم اليوم على أنه مشروع جهادي، على الشاكلة الأفغانية، العبوس، المعلن براءته من المجتمع والنَّاس، الذاهب لحتفه بظلفه، صورة بعيدة عن مسلم «الحضارة» التي عرفها الغرب وتعلم منها، وعليها، من خلال حضارة الأندلس والثغور الإسلامية الأوروبية أو من خلال ما عرف إبان الحروب الصليبية أو من خلال ما نقله المستشرقون والفنانون الذين عرفوا الشرق، وكتبوا عنه، ورسموا ما فيه؟! لمَ تغيرت صورة المسلم، وأعطيت شكلها الجديد البعيد عن التفكير، القريب من التكفير؟! هل ساهمت الحركات الإسلاموية، والأحزاب السياسية المتأسلمة، والتي هي إما صنيعتهم، وإما مدعومة وما زالت منهم لتنفيذ أجنداتهم السياسية في الشرق المستعصي عليهم؟! لمَ غابت صورة المسلم المتسامح والمتنور والداعي للتلاقح الحضاري عن المشهد، وبرزت الصورة التي يريدون، والتي يجتهدون لتسويقها، وتثبيتها في الذهن، وذاكرة الناس؟! هل هناك لعبة يختفي وراءها الصهيوني الذي سبق وأن سوّق صورة اليهودي التائهة والمطارد، وخلف الأسوار الشائكة، وقد نجح في استغلالها، وابتزاز الغرب بها سنين طويلة، وحتى الآن؟!

المشكلة أننا في صحفنا العربية والمسلمة ننهج نهج الغرب في تصدير وتسويق تلك الصورة النمطية عن المسلم، وعن العربي، ولا نحاول أن نعطي الصورة المضيئة، والصورة الحضارية للمسلم، واضعينه في إطار تلك الصورة التي يفرح بها الغرب، ويقاتلنا عليها، رغم أنها ليست من صنعنا، ولا شخوصها من صنع أيدينا!

المصدر : الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتأسلم المستأسد المتأسلم المستأسد



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية

GMT 07:50 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

14 منطقة حول العالم تشبه مدينة "البندقية" الإيطالية

GMT 11:42 2020 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مواطن إماراتي ينجح في اصطياد 3 أسماك ضخمة أحدها طولة 3 أمتار

GMT 23:51 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

فوائد تناول الزعفران يوميًا يعالج امراض القلب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates