الطاقة في برامج الانتخابات الرئاسية الأميركية

الطاقة في برامج الانتخابات الرئاسية الأميركية

الطاقة في برامج الانتخابات الرئاسية الأميركية

 صوت الإمارات -

الطاقة في برامج الانتخابات الرئاسية الأميركية

بقلم: وليد خدوري

يحل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بعد شهر تقريباً. وقد جرى خلال الأشهر الماضية طرح مواقف الحزبين الديمقراطي والجمهوري في خطب المرشحين، كما في البرامج التي تبناها كلا الحزبين.

من المعروف أن تنفيذ المرشحين للبرامج والسياسات المعلنة قبل الانتخابات، أمر غير مُلزم للرئيس الفائز. لكنَّ السياسات المعلَنة عند الحملة الانتخابية تشير إلى ما يمكن توقُّع أن ينفذه الرئيس المقبل.

يحاول الحزب الحاكم أن يشيد بإنجازاته خلال السنوات الأربع الماضية، والتمهيد للرئيس في الاستمرار بهذه السياسات. وهذا بالفعل ما دوّنه الحزب الديمقراطي في برنامجه. إذ افتتح برنامجه الطاقوي بالدعوة إلى استمرار النجاح الأميركي والعالمي لدعم الطاقات المستدامة.

كالعادة، يسهب برنامج الحزب الديمقراطي في إنجازات إدارة الرئيس بايدن في هذا المجال: «تم استقطاب 400 مليار دولار من القطاع الخاص لتطوير وتصنيع الطاقة الشمسية، والرياح، والبطاريات الكهربائية وتقنيات أخرى في مجال الطاقات المستدامة في الولايات المتحدة. وهناك حالياً 585 مشروعاً للطاقات المستدامة قيد التشييد في مختلف أنحاء الولايات المتحدة ستستطيع كهربة 18 مليون منزل. كذلك، وافقت إدارة بايدن على تشييد تسع محطات بحرية لطاقة الرياح في المياه الفيدرالية، التي ستتمكن كهربة خمسة ملايين منزل. وفي الوقت نفسه، تمت زيادة إمكانات تخزين الطاقة الضخمة، ويُتوقع مضاعفة إمكانات التخزين هذه قبل نهاية العام بتبني مشاريع جديدة.

يهدف تبني مشاريع الطاقات المستدامة بالنسبة إلى الديمقراطيين «زيادة الأيدي العاملة في هذا القطاع، حيث إن المشاريع المذكورة أعلاه قد فتحت المجال لنحو 300 ألف وظيفة، كما خفضت تكاليف فواتير الطاقة لملايين العائلات. والهدف من هذه البرامج هو زيادة إمكانات الطاقات المستدامة في الولايات المتحدة ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، الأمر الذي «سيقلص نفوذ شركات النفط الكبرى على الاقتصاد الأميركي، وحماية العائلات من التقلبات العالية للأسعار، وإيصال الولايات المتحدة إلى استقلال الطاقة».

من أجل تحقيق الأهداف أعلاه، والاستمرار في نموها، يتطلع الديمقراطيون إلى «تشجيع وتطوير القطاعات أعلاه. وسنتطلع في تنفيذ هذه الأهداف إلى الالتزام بالمراجعات البيئية وبالتدقيق في إجازات الطاقة النظيفة لهذه المشاريع، بالإضافة إلى الاستمرار في تشجيع الاستثمار في الطاقات النظيفة في الأراضي الفيدرالية».

تعهَّد الحزب الديمقراطي في برنامجه الانتخابي بالتركيز على قوة أميركا في الأبحاث العلمية، و«الاستمرار في الاستثمار في أبحاث الطاقات النظيفة، لكي تستمر الولايات المتحدة الدولة الريادية في الأبحاث، وذلك للمساعدة في زيادة مجالات الطاقة النظيفة». ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، ينوي الديمقراطيون في حال فوزهم بالرئاسة واستمرارهم في البيت الأبيض تأسيس معهد أبحاث ومشاريع متقدمة لأجل المناخ، على نمط معهد الأبحاث المتقدم الذي لدى وزارة الدفاع المتخصص بالتقنيات المتقدمة جداً الذي كان وراء تشجيع الأبحاث والتقنيات للإنترنت.

كما ينوي الديمقراطيون إنشاء مختبر وطني لأبحاث المناخ. هذا، بالإضافة إلى الاستمرار في الاستثمار من خلال وكالة «ناسا» ومعهد العلوم الوطني من أجل ريادة الولايات المتحدة في مجال أبحاث الطاقة النظيفة.

من الواضح أن اهتمام إدارة ديمقراطية مقبلة، سيستمر لتشجيع الطاقات المستدامة على حساب الوقود الأحفوري.

ستواجه هذه الإدارة تحديات عدة من الشركات النفطية التي تحاول أن تحافظ على نفوذها وموقعها التنافسي. فعلى سبيل المثال، هناك ضغوط مستمرة لعدم فسح المجال لهم لاكتشاف وتطوير الحقول النفطية في المناطق البرية والبحرية الفيدرالية. كما أن هناك احتجاجات عدة حالياً لعدم السماح لهم بتصدير كميات أضخم من الغاز المسال، بخاصة بعد المقاطعة الأوروبية للغاز الروسي، فيما تحاول الحكومة الأميركية وضع سقف لصادرات الغاز المسال من أجل فتح المجال لتوفير إمدادات أكبر في السوق الأميركية نفسها، لتخفيض سعر الغاز في السوق المحلية. والسبب أن ارتفاع سعر النفط محلياً يزيد من تكلفة الإنتاج الصناعي والزراعي، ويثير مشكلات ما بين الحكومة والمواطنين.

إن تركيز الحزب الديمقراطي على أمور البيئة والتغير المناخي من جهة وتهميش دور النفط في سلة الطاقة العالمية، حاضراً ومستقبلاً، من جهة أخرى، هو أمر غير واقعي. فواقع الأمر أن سلة الطاقة العالمية بحلول منتصف القرن ستضم كلاً من النفط والطاقات المستدامة، حسب معظم الدراسات الصادرة عن معاهد الأبحاث المتخصصة وشركات الطاقة نفسها.

إن الولايات المتحدة ليست فقط أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم. بل هي أيضاً من الدول الثلاث الكبرى، مع السعودية وروسيا، لإنتاج وتصدير النفط. من ثم، فإن المحاولات الجارية في الولايات المتحدة وفي بعض الولايات الأميركية لتقليص الطاقة الإنتاجية لأسباب بيئية ومناخية، ستدفع عالياً أسعار المحروقات محلياً، ومن ثم زيادة أسعار الصادرات في الأسواق العالمية. هذا يعني أهمية تبني سياسة طاقوية - بيئية متوازنة، وعدم التحيز إلى قطاع دون آخر قبل التوصل أولاً إلى إمدادات طاقة متوازنة ووفيرة.

وخير مثال على عدم توازن السياسة الطاقوية هذه، هو التخفيض الكبير للضرائب على السيارات الخصوصية الكهربائية مقارنةً بالسيارات التقليدية لتحقيق هدف الحزب الديمقراطي أن تحصل السيارات الخاصة الكهربائية على 50 في المائة من الأسواق الأميركية بحلول عام 2030.

سيكون هذا الهدف مجدياً لو استطاعت واشنطن أن تحوِّل جميع وسائل النقل إلى الاعتماد على الكهرباء من أجل تخفيض الانبعاثات. لكنَّ هذا غير ممكن نظراً إلى صعوبة تحويل النقل الجوي والبحري والشاحنات إلى الكهرباء بنفس سرعة وشمولية تحويل السيارات الخاصة. فكهربة السيارات الخصوصية بشكل واسع سيقلص من الانبعاثات ولكن لن يصفّرها بحلول عام 2050، لأنه من الصعب أو من غير الممكن تطبيق هذا على بقية وسائل النقل الأخرى بنفس السرعة والشمولية.

تدل خطابات ومقابلات المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، على أن سياساتها الطاقوية ستكون مكمِّلة لسياسات الرئيس بايدن: المضي قدماً إلى اقتصاد ذات طاقة مستدامة (نظيفة)، والتحول إلى تصفير الانبعاثات بحلول عام 2050، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في تقنيات الطاقات المستدامة (الشمسية، والرياح، والبطاريات الكهربائية، والتخزين). كما أنه من المتوقع من كامالا هاريس، في حال انتخابها، الاستمرار في زيادة تمويل الأبحاث للطاقات المستدامة وتشجيع الحوافز لاستعمال الطاقات المستدامة وترشيد استهلاك الطاقة.

وفيما يتعلق بالحزب الجمهوري، فالأمر أكثر وضوحاً، خصوصاً أن مرشح الرئاسة هو الرئيس الأميركي السابق متقلب المزاج، الذي قرر في بداية حكمه سابقاً، سحب عضوية الولايات المتحدة من اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ 2015 (كوب)، إذ رأى أن الالتزام بالاتفاقية سيضر مصالح الولايات المتحدة لأنه سيزيد من تكاليف الإنتاج لسلعها المصدرة، الأمر الذي سيؤدي إلى مصلحة الدول الأخرى. ومن غير المستغرب أن البرنامج الانتخابي 2024 الذي وافق عليه مؤتمر الحزب الجمهوري يحمل شعار: «أميركا أولاً». إذ يختصر هذا الشعار الشعبوي ببساطة غير عقلانية وجهات نظر ترمب.

يُتوقع أن يتبنى ترمب، في حال إعادة انتخابه، سياساته الطاقوية السابقة: دعم الصناعة النفطية، وتشجيع الاستكشاف عن النفط في المناطق البحرية، ودعم صناعة النفط الصخري بتشجيع طريقة الحفر «فراكينغ»، وزيادة فتح الأراضي والمياه الفيدرالية للاستكشاف النفطي. كما يُتوقع أن تُنهي إدارة ترمب الجديدة القيود المفروضة على زيادة صادرات الغاز المسال، وفي الوقت نفسه زيادة رخص الحفر النفطية التي تسجل معدلات متدنية حالياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطاقة في برامج الانتخابات الرئاسية الأميركية الطاقة في برامج الانتخابات الرئاسية الأميركية



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates