بيتهوفن فى متحف الحضارة!
بدعوة من الصديق العزيز الدكتور أحمد غنيم المدير التنفيذى لمتحف الحضارة، والسفير كريستيان برجر سفير الاتحاد الأوروبى فى مصر، حضرت هذا الحفل الموسيقى الجميل للاستمتاع بالسيمفونية التاسعة لبتهوڤين بقيادة قائد الأوركسترا المايسترو المبدع أحمد الصعيدى وأوركسترا القاهرة السيمفونى، وقد عرضت هذه السمفونية الخالدة لأول مرة فى ڤيينا عام 1824.
ويقال إن لها صدى سياسيا لأنها تدق جرسا للتيقن الاجتماعى. ويقال إن جدار برلين قد سقط على صوته! وقد استطاع السفير كريستيان برجر الذى يستعد لمغادرة مصر فى أكتوبر القادم أن يقدم هذه السيمفونية بمتحف الحضارة، وكما ذكر فى النشرة التى تقدم السمفونية أن ريتشارد فون كودينهوف كاليرجى مؤسس اتحاد عموم أوروبا قد اقترح أن يكون المقطع الرابع من السيمفونية هو نشيد أوروبا الموحدة في عام 1985.
وتم بالفعل قبول الفكرة لتصبح المعزوفة الرابعة هى النشيد الأوروبى الرسمى من قبل الاتحاد الأوروبى وإن كان كنسخة خالية من الصوت حتى لا تعطى أى أسبقية للغة واحدة، خاصة ونحن نتحدث عن اتحاد من عدة دول تتحدث لغات مختلفة.
وغالبا ما يتم عزفها فى الوقت الحاضر بترتيب فون كارجان. وقد امتلأت القاعة ولم يكن هناك مكان بل حجزت القاعة كلها وحضر العديد من الشخصيات السياسية والثقافية وقد استطاع المايسترو أحمد الصعيدى أن يعزف لنا هذه القطعة الرائعة وكأننا نسمعها لأول مرة وأقول إن كل عضو فى أوركسترا القاهرة السيمفونى قد أبدع فى العزف. وقد استمر الحفل ساعة واحدة بعد ذلك أقام الدكتور أحمد غنيم حفل استقبال لكل الحاضرين وقد تحدث قبل العرض وأشار إلى المجهودات التى تتم فى عالم السياحة ويقوم بها الصديق العزيز أحمد عيسى وزير السياحة والآثار.
استطاع أحمد غنيم أن ينافس دار الأوبرا المصرية ويقدم لنا فنونا موسيقية جميلة فى متحف الحضارة، وكذلك عروضا فنية مختلفة وصالونات ثقافية وسياسية وعلمية. أصبح متحف الحضارة مفتوحا للجميع لتقديم عروض شيقة ومميزة فى واحد من أهم متاحف مصر وهو متحف الحضارة، وأنا سعيد جدا أننى شاركت فى بناء هذا المتحف مع الصديق الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة السابق. هذا المتحف فريد فى موقعه وفى تصميمه المعمارى وأتمنى أن يتم تنفيذ العرض المتحفى الموجود والذى يجعل هذا المتحف يليق باسم الحضارة المصرية.
وداعًا بارى كمب.. عالم المصريات:
هو من أهم علماء المصريات بل هو الأول فى كل ما قدمه لهذا العلم سواء فى التأليف أو فى الحفائر. رحل عن عالمنا الأسبوع الماضى العالم العظيم بارى كمب. وهو عالم الآثار الوحيد الذى أفردت له صحيفة نيويورك تايمز مقالا جميلا تحدثت عن إنجازاته العلمية فى مجال المصريات. وقد توفى عن عمر 84 عامًا. ومن العجيب أنه لم يحصل على درجة الدكتوراه ولكن علمه وكتبه توازى مئات الرسائل العلمية.
وقد كان يقوم بالتدريس بجامعة كمبردج منذ عام 1962. ومن الغريب أن والده كان يعمل فى الجيش الإنجليزى خلال الحرب العالمية الثانية. وقد درس كمب علم المصريات بجامعة ليفربول عام 1962. وفى نفس السنة كان يقوم بالتدريس فى كمبردج وحصل على درجة الماجستير عام 1965 ولم يكمل دراسة الدكتوراه. وقد تزوج مرتين؛ الأول انتهى بالطلاق ليتزوج بعدها من عالمة الآثار الألمانية مريم برترام.
تعرفت بالعالم الكبير لأول مرة عام 1974 عندما كان يعمل مع ديفيد أوكونر من جامعة بنسلفانيا فى حفائر الملقطة بالأقصر، وكان كمب يصطحب معه زوجته الأولى فيكتوريا وبنتين فى سن التاسعة والثانية عشرة فى ذلك الوقت. وقد أيقنت أنه من أعظم الحفارين وتعلمت الكثير على يديه وكان من النوع الذى يقدم النصائح وهو مبتسم. وقد قدم لنا العديد من النظريات الهامة.
وأولى هذه النظريات جاءت حول مقابر الأسرة الأولى والتى تقع فى سقارة وفى العرابة المدفونة بأبيدوس. وكان هناك آراء كثيرة حول السؤال أين دفن الملوك هل فى سقارة أم فى أبيدوس؟.. ولكن استطاع كمب بالأدلة العلمية أن يؤكد أن ملوك الأسرة الأولى دفنوا فى مقابر أبيدوس، بينما مقابر سقارة كانت خاصة للموظفين الذين خدموا هؤلاء الملوك.
وقدم لنا بترى عالم المصريات الإنجليزى الملقب باسم «أبو المصريات» دراسة مهمة جدا عن الفخار وتاريخه ولكن جاء كمب ليكتب مقالا رائعا ويقدم لنا أدلة جديدة ومثيرة عن تاريخ الفخار وقدم لنا جزءا هاما جدا فى كتابه عن مصر القديمة. ويظل أهم ما قدمه للعلم هو كتابه «مصر القديمة: تشريح حضارة». لقد فسر لنا كمب العديد من الموضوعات الغامضة فى تاريخ وحضارة مصر القديمة.
ويعتبر أول وأهم عالم مصريات فى طريقة عرض الموضوعات الأثرية! على الرغم من أنه لم يكن محاضرًا جيدًا للعامة. وقد ساعدته فى الحصول على تصريح للعمل فى تل العمارنة، لأننى كنت أؤمن أنه أهم أثرى يمكن أن يخرج لنا العديد من المعلومات العلمية الهامة عن تل العمارنة- المدينة التى عاش فيها الملك إخناتون ابن الملك أمنحتب الثالث- وقد تحدثت معه عن الكشف الكبير الذى قمت به فى الأقصر وهو كشف المدينة الذهبية وذكرت له أننا قد كشفنا أن أول من قدم لنا عقيدة آتون بطريقة موسعة هو الملك أمنحتب الثالث.
وقد عثرنا على منزل أطلقت عليه منزل آتون حيث عثرنا على رسمة باللون الأبيض لقرص الشمس ممثل على جدران المنزل، وقد أخذت رأى بارى فى موضوع هام جدا وقلت له الآن نحن نعرف أن الملك أمنحتب الثالث أطلق على قصره بالملقطة اسم «إشراقة آتون» وأطلق على المدينة التى قمت بالكشف عنها اسم «إشراقة آتون» بل وأطلق على نفسه الاسم أيضا حيث عثرنا على تمثال الملك أمنحتب الثالث الذى عثر عليه داخل خبيئة بالأقصر ووجدنا على التمثال لقب الملك باسم «إشراقة آتون»! ونعرف أيضا أن إخناتون عندما ذهب إلى تل العمارنة وقال إنه قام ببناء هذه المدينة من أجل أبيه آتون! لذلك هل أمنحتب الثالث هو آتون نفسه؟!.. وجدت بارى يبتسم ولم يعلق على كلامى ولكن اتفقنا على أن يقوم بزيارة هذا الكشف وللأسف لم يمهلنا القدر أن نتم تلك الزيارة.
فقدنا رجلا وعالما عظيما فى علم المصريات لن يتكرر وكان بعيدًا عن الإعلام ولكن عندما وجد نفسه لا يجد من يقوم بتمويل حفائره قام بالظهور فى العديد من البرامج التلفزيونية التى تتكلم عن العمارنة وعن الدولة الحديثة، بل وكان يدعو بعض الأثرياء لزيارة حفائره وذلك لكى يقوم بتمويل الحفائر، وقد جاء خبر وفاته صادمًا لكل علماء المصريات وقد تقابلت مع الدكتورة سليمة إكرام خلال حفل أقامته لأحد تلاميذها وهو حسن الزاوى الذى حصل على منحة لنيل درجة الدكتوراه فى جامعة ييل، وقد اتفقت مع الدكتورة سليمة على ضرورة أن نقيم حفل تأبين لبارى كمب داخل المتحف المصرى فى سبتمبر القادم.
عرض جماجم مصرية للبيع!
كتبت فى المصرى اليوم مقالا بعنوان «جماجم مصرية للبيع» وقد اهتم الإعلام بهذا المقال وقام بعرض الموضوع فى العديد من البرامج التلفزيونية. وقد اتصلوا بى للتعليق على هذا الموضوع وقلت إن هذا تصرف استعمارى من متحف يجب أن يغلق تمامًا ويكتب على بابه «تم الإغلاق لأن هذا المتحف لم يراع التقاليد المحترمة العلمية وهى الحفاظ على هذا التراث».
وسألنى الإعلامى اللامع سيد على وقال ماذا تقصد بتصرفات استعمارية؟، وقلت إن آثارنا نهبت من بلادنا عن طريق الاستعمار الفرنسى والإنجليزى، ورغم أن هذا تم فى القرنين الماضيين إلا أن المتاحف الإنجليزية مازالت تتصرف فى بيع الآثار الموجودة لديها بل وتقوم بشراء الآثار المسروقة!، وهذا يشجع اللصوص على سرقة الآثار وقام أحد المتاحف الإنجليزية ببيع تمثال جميل من الدولة القديمة، وللأسف قام بشرائه أحد الأثرياء العرب، ولا نعرف أين يوجد هذا التمثال إلى الآن!.
فهل يصح أن يقوم متحف بعرض جماجم للبيع؟! هذا تصرف غير أخلاقى وقد أعجبت بالسيدة عضوة البرلمان الإنجليزى التى قامت بإيقاف بيع الجماجم. هذا التصرف الاستعمارى يعتبر وصمة فى جبين هذا المتحف.
احتفال المصرى اليوم بمرور 20 عامًا على صدورها:
احتفال المصرى اليوم بمرور 20 عامًا على إنشائها، وقد استطاعت هذه الجريدة أن تدخل بيوت الناس فى كل مكان. ورغم قرب اختفاء الصحافة الورقية إلا أن المصرى اليوم ما زالت من الصحف المهمة جدا، خاصة لوجود العديد من الكتاب فى مختلف التخصصات العلمية والسياسية والثقافية.
وفى هذه المناسبة لا بد أن نقدم التحية للمهندس صلاح دياب الذى يقف وراء إنشاء هذه الصحيفة، بل إن صلاح دياب يتابع كل ما يكتب فى الصحيفة وهو من الأشخاص الذين يستيقظون من النوم كل يوم ولديهم أفكار جديدة، فهو عبارة عن مصنع أفكار فى كل المجالات! بل أجده يتصل بى فى الصباح ويقدم لى بعض الأفكار المتصلة بالآثار التى يمكن من خلالها أن تدر على الدولة ملايين الدولارات!.
صلاح دياب عبارة عن مؤسسة أفكار وقد تحدثت معه هذا الأسبوع وطلبت منه ضرورة أن يقدم لنا حياته فى كتاب أو يقوم أحد البرامج التلفزيونية بتسجيل هذه الأفكار، وقد كنا نستمتع جميعًا ونحن نقرأ العمود اليومى الذى كان يكتبه فى المصرى اليوم باسم نيوتن وكان من أهم الأعمدة التى يتابعها كل قراء المصرى اليوم.