بقلم - أسامة الرنتيسي
لم تحظ استقالة رئيس هيئة الاستثمار الدكتور خالد الوزني بضجة إعلامية مثلما كان يجب ان تحظى، والسبب باختصار أن موضوع الاستثمار أهم أبواب الحكومة الاقتصادية، من أكثر الموضوعات لغطا وأخباره مدهشة.
الدكتور الوزني حظي باهتمام رفيع المستوى عندما تسلم دفة الاستثمار، وهو يستحق ذلك، فكيف يُزاح في لحظة، ويُكلف وزير العمل بحمل الملف وهو الغارق في ملفات كثيرة وقضايا متشعبة من أبرزها الضمان الاجتماعي.
نكتة انتشرت كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي تطابقت مع العقلية التي تدير الاقتصاد والاستثمار في الأردن، تقول النكتة من دون تحريف او تعديل: “أراد ترامب أن يدهن البيت الأبيض في بداية حكمه قبل أن يحلق له الشعب الأميركي استدعى ثلاثة مقاولين، صيني : طلب 3 ملايين دولار، أمريكي : طلب 7 ملايين دولار ، أردني : طلب 10 ملايين دولار
المهم : جاب الصيني قال له: كيف سعرت ؟
قال: مليون ثمن الدهان ، ومليون للعمال وشغل اليد، ومليون مكسب الي.
جاب الأمريكي قال له: كيف سعرت ؟، قال: 3 ملايين ثمن الدهان و2 مليون عمالة و2 مليون مكسب الي.
جاب الأردني قال له: كيف سعرت ؟ قال له تعال معي ع جنب لنحكي: قال له صل على النبي: 3 ملايين الك و4 ملايين إلي و3 ملايين نعطيها للصيني يدهن البيت ….”
للأسف؛ هكذا تدار عجلة الاقتصاد والاستثمار في الأردن، الكل يريد ان يشارك الكل، والمسؤول يريد حصة في الاستثمار إن لم ينجح بان يكون شريكا.
هذا على المستوى الرسمي، أما الشعبي، فقد تحداني صديق خليجي كما تحدى وسائل الاعلام عموما قبل الكورونا طبعا، حول كيفية تدبير المواطن الأردني لمعيشته الشهرية اذا افترضنا ان معدل الرواتب عموما 500 دينار، والحد الأدنى للأجور 220 دينارا.
نعم، وأنا أتحدّى أي خبير اقتصادي، أن يقدِّم رؤية أو استشارة أو تحليلًا، عن كيفية تدبير المواطن الاردني ــ موظف الدولة أو القطاع الخاص، الذي يحصل على راتب حسب المعدل العام لرواتب موظفي الدولة بمعدل 500 دينار، لأسرة مكونة من خمسة افراد ــ أموره طوال الشهر؟. طبعًا؛ سوف يحتج كثيرون، ويقولون ما هو مصير مَن لا يحصل على نصف هذا المبلغ حسب الحد الأدنى للأجور في الأردن (220 دينارًا)، أو الذي يعمل ولا يحصل على راتبه بانتظام، أو الذي لا يجد عملًا ضمن جيش المتعطلين من العمل في سوق البطالة.
بالمناسبة؛ كشفت كارثة كورونا عن أن الاقتصاد العالمي أيضا بُنِي على خدعة الاقتراض والوهم.
يُحكى أن سائحًا أميركيًا ذهب إلى فندق في إحدى الدول، وطلب استئجار غرفة، ووضع أمام صاحب الفندق 100 دولار، وطلب معاينة الغرف لاختيار واحدة.. فأعطاه الموظف المفاتيح ثم أخذ المئة دولار وخرج ليسدد بها دينًا للجزّار، فأخذ الجزّار المئة دولار وتوجه إلى تاجر المواشي وسدّدها من حساب دين بينهما، فتناول تاجر المواشي المئة دولار وذهب إلى تاجر الأعلاف ليسدد ثمن علف اشتراه، فالتقط تاجر العلف المئة دولار وتوجه إلى امرأة ليل، فدفع لها المبلغ لقاء “سهرة حمراء وخدمات سابقة”، فتناولت المرأة المئة دولار وسارعت إلى صاحب الفندق لتسديد أجرة غرف استأجرتها لزبائنها في أيام سابقة، ففرح صاحب الفندق بالمئة دولار، وهنا نزل السائح الأميركي وقال لصاحب الفندق: إن غرف الفندق لم تعجبه، واستعاد المئة دولار ومضى.
الدايم الله….