المتحرش والعقاب

المتحرش والعقاب

المتحرش والعقاب

 صوت الإمارات -

المتحرش والعقاب

أسامة غريب
بقلم: أسامة غريب

وسط الأخبار الكئيبة التى تحيط بنا نزل خبر معاقبة أحد المتحرشين بالسجن ثلاث سنوات برداً وسلاماً على المجتمع المصرى. لقد لفت الحكم الصادر منذ أيام من محكمة جنايات قنا بحبس أحد الأشخاص ثلاث سنوات- لفت نظرنا إلى الجريمة التى ارتكبها هذا الشاب ضد فتاة صعيدية آمنة نزلت من بيتها لشراء أغراض منزلية، وقد أوضح الفيديو الذى بثته وسائل التواصل الإجتماعى وتم عرضه فى عدة قنوات تليفزيونية كيف أن المتحرش كان يسير فى طريقه وعندما وجد فتاة شديدة الاحتشام تسير وحدها التفت بسرعة ومضى خلفها ثم مد يده إلى جزء حساس من جسدها. لقد بيّن الفيديو بما لا يدع مجالاً للشك أن ملابس الفتيات لا علاقة لها بالتحرش لأن أى متحرش هو عبارة عن كلب مسعور لا يميز بين المحتشمة والسافرة لكنه فقط يشم رائحة الأنثى ويسعى خلفها فى حماية أهله وأصدقائه، وأحياناً فى حماية من يسيرون بالشارع ممن لا يعرفونه!. ولا يفوتنا هنا تحية صاحب المحل الذى قامت كاميرته بتصوير الواقعة لأنه وافق على منح الفتاة وأهلها نسخة من الفيديو لتقدمه للمحكمة كدليل دامغ ضد مرتكب الواقعة. وقبل عدة أشهر من الآن كان قد أثلج صدورنا حكم آخر أصدرته محكمة جنايات حلوان لصالح فتاة تعمل بالصحافة بعد تعرضها للتحرش بالشارع على يد سائق توكتوك جانح، وقد أصرت على مقاضاته ورفضت كل الضغوط من أجل التنازل عن القضية حتى صدر بحق المجرم حكم بالسجن خمس سنوات.

وربما أنّ توالى الأحكام ضد المتحرشين يكون به من التشجيع ما يكفى لدفع الفتيات للجأر بالصراخ والشكوى ضد ما يتعرضن له من مهانة فى الشارع والمول والقطار والأتوبيس. ومع ذلك ففى موضوع التحرش توجد جزئية شديدة الغرابة وقد يعجز العقل عن إيجاد تفسير لها، ألا وهى ظاهرة المساندة الشعبية الكثيفة التى يقدمها الناس للمتحرش ومقاومتهم الشديدة لمحاولات إثبات التهمة عليه وإدانته. فى تصورى أن المتحرش يلقى كل هذا الدعم الهائل من الناس، بسبب أن الرجال والشباب والصبية والأطفال الذكور فى غالبيتهم متحرشون، والرجال فى دفاعهم عن الكلب المسعور الممسوك بالجُرم إنما يدافعون عن أنفسهم بأمل أن يجد كل منهم من يدافع عنه ويسانده عندما تمسك بخناقه الفتاة التى لمسها أو أسمعها كلماته الفاحشة!. ليس هناك سبب آخر يدفع الناس للوقوف ضد ضحية التحرش، وأما الكلام عن مستقبل الشاب الذى سيضيع وسمعة الفتاة التى ستتأثر فهذا كله كلام فارغ وغير صحيح ولا يشكل السبب الحقيقى لمساندة الرجل الداعر. وحتى النساء اللاتى يقفن فى وجه الضحية وكأنهن يشفقن عليها من ألا تجد عريساً فى المستقبل كاذبات وحجتهن فارغة، فالرجل الحر يسعده ويشرفه الاقتران بفتاة حرة، وإنما تتخذ النسوان هذا الموقف لأن كلا منهن تعلم أن ابنها وشقيقها وزوجها وأقاربها جميعاً يرتكبون هذه الجريمة، وهن يفزعن من أن يطولهم القانون ويدخلون السجن فتخرب البيوت ويتشرد العيال.. وهذا فى حقيقة الأمر إقرار من أفراد المجتمع بحجم الخراب والعفن الذى ضرب الأسرة المصرية وأصابها فى النخاع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتحرش والعقاب المتحرش والعقاب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates