بقلم: أسامة غريب
ترى هل يتفتت الاتحاد الأوروبى على صخرة فيروس كورونا؟. لقد صرحت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قبل أسبوع، وهى تخاطب الأوروبيين بأنه «يجب ألا نعزل أنفسنا عن بعضنا البعض، وأن نتخذ إجراءات موحدة ومنسقة بقدر الإمكان»، ولكن ها هي ألمانيا تقوم بإغلاق جزئى لحدودها مع فرنسا والنمسا وسويسرا ولوكسمبرج والدنمارك، وتعطل بذلك أول الأسس التي قامت عليها منطقة تشنجن الموحدة. أيضًا رأينا رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبى، «أورسولا فون ديرلين»، توجه تحذيرًا إلى الدول الأوروبية بأن تغلق حدودها، وما كادت تفعل حتى استجابت الدنمارك على الفور، وأغلقت الحدود، ثم قام البرلمان في كوبنهاجن بإصدار حزمة تشريعات تعطى الحكومة سلطة الاستيلاء على الممتلكات الخاصة وتعليق حرية التجمع، وكذلك إكراه الأشخاص المشتبه في إصابتهم بالمرض على العلاج والتطعيم، جاعلة مقاومة الفحص انتهاكًا للقانون.
ستتأثر الحريات بكل تأكيد، وسوف يتنازل الناس عن حقوقهم طوعًا لتوفير البيئة التي تساعد على محاصرة الفيروس، وسوف تتغير العلاقات الدولية وتتبدل الولاءات والتوجهات بشكل حاد على ضوء تصرف الدول إزاء الجائحة، فها هو رئيس صربيا، «ألكسندر فوتشتش»، يعلن سخطه على الأوروبيين الذين تخلوا عنه، ويخرج على شعبه، في خطاب مرير، قائلًا لهم: «الآن ندرك أن ما يسمى التضامن العالمى فعليًا غير موجود، لقد كان الكلام عن هذا التضامن عبارة عن قصة خرافية، واليوم أريد أن أرسل رسالة خاصة لأننا أمام احتمالات هائلة، ولدينا الكثير من الأمل في الطرف الوحيد الذي يستطيع أن يساعدنا في هذا الظرف الصعب: جمهورية الصين الشعبية.. أريد أن أرسل رسالة إلى الرئيس شى جى بينج، للمرة الأولى، ورغم تكرار المناسبات الرسمية التي أبدت فيها الصين أخلاقها العالية، أريد أن أعلن للرئيس شى أنه ليس فقط صديقًا قريبًا، بل أخ أيضًا، ليس لى شخصيًا فقط، بل لهذه البلاد.
إننا اليوم كما تعلمون لا نستطيع استيراد البضائع بسبب قرار الاتحاد الأوروبى.. رئيسة المفوضية الأوروبية أعلنت، منذ قليل، أنه من غير المسموح لنا استيراد المُعَدّات الطبية من الاتحاد الأوروبى لأنه لا يوجد ما يكفى لهم! كدت أخرج من جلدى.. إن هذا القرار اتُّخذ من أشخاص كانوا يرسلون لنا الأوامر بأنه لا ينبغى علينا شراء البضائع من الصين. هؤلاء عبر أوروبا الذين كانوا يريدون منّا أن نُعدِّل شروط مناقصاتنا الخارجية بحيث لا يكون للسعر المنخفض الأولوية، وذلك حتى نشترى بضائعهم ذات الجودة الأعلى. كانوا يريدون أن نشترى كل شىء بشروطهم. عندما كانوا يريدون المال الصربى فرضوا علينا مناقصاتهم لتأخذ الشركات الأوروبية أموالنا، واليوم وسط الألم والخطر رفضوا بيعنا المُعَدّات!. أنا أثق في أخوة وصداقة شى بى بينج، وأثق أن الدولة الوحيدة القادرة على المساعدة هي الصين.. أما الأوروبيون فأقول لهم: شكرًا على اللاشىء!».
أعتقد أن الحواجز التي ستقيمها دول الاتحاد الأوروبى في وجه بعضها البعض وفى وجه الآخرين سوف تؤثر على شكل الاتحاد، وقد تعصف بـ«تشنجن» كفكرة بعد انقشاع الغبار!.