بقلم: أسامة غريب
نظر حسن نحوى وعيناه تلمعان: قابلتها.. قابلتها. سألته: مَن هى التى قابلتها؟. قال: نبيلة.. قابلت نبيلة وهى سائرة فى شارع 26 يوليو. قلت له: نبيلة مصطفى، الساكنة بعمارة أبوسعدة، التى تدرس فى آخر سنة بكلية الحقوق؟، قال: نعم هى.. أنا أعرف أنها كانت معك بالمدرسة، وأنكما صديقان، لهذا آثرت أن أخبرك وحدك. قلت فى دهشة: وما الغريب فى أن تقابلها.. نحن جميعًا نلقاها بالشارع ونتبادل معها كلمات السؤال عن الأهل وعن الصحة؟!، أجاب: لأن اللقاء لم يقتصر على الكلمات التقليدية، لكن للمرة الأولى ينفتح الحديث بيننا، فتحكى لى عن دنياها وأحلامها، وكذلك عن فيلم شاهدته بالسينما مؤخرًا.. قال هذا، ثم أردف: كدت أيأس من التماس طريقة أتحدث بها إليها، ولقد ذهبت إليها فى كليتها، أكثر من مرة، وتظاهرت بأن الأمر مجرد مصادفة، لكن لم نتحدث سوى فى عموميات. أما اليوم فقد مشينا معًا مسافة طويلة، وكان باستطاعتها لو أن صحبتى لا تروقها أن تقدم أى عذر وتنصرف، لكنها لم تفعل، وهذا شجعنى على أن أطلب منها أن نجلس ونشرب «شاى» فى كافيتريا فندق فيكتوريا بشارع الجمهورية. ظل حسن يتحدث بحماس عن هذا اللقاء طيلة جلستنا، ولمست كيف بدا سعيدًا، لهذا فقد استغربت دهشته حين سألته: هل تحبها يا حسن؟.. نظر إلىَّ كمَن لا يعرف كيف يجيب قبل أن يقول: من الممكن طبعاً أن أحبها إن سارت الأمور كما أتمنى. قلت: وماذا عن نعمة؟. قال: مالها نعمة؟..ستظل كما هى.. نخرج معًا وندخل السينما معًا.. أنا لم أعِدْها بشىء، كما أن أفق علاقتى بها محكوم.. أنا أخرج معها فقط لأنه من العار أن تكون لكم جميعًا فتيات وأنا أتفرج عليكم، أما نبيلة فشىء آخر!. ورغم أننى لم أفهم تمامًا هذه الإجابة، فإننى خشيت ألا يستطيع تحديد الموقع الذى يضع نبيلة فيه طبقًا للتنويعة السالف ذكرها، وكان من الواضح أنه لم يستقر بعد على أين يضعها. كانت نبيلة من الفتيات اللاتى لم يتأثر جمالهن بالانتقال من مرحلة إلى مرحلة مثلما حدث للكثيرات. عرفنا فتيات كنّ حلوات فى «ابتدائى»، ثم عندما أتاهن خراط البنات فى «إعدادى وثانوى» فإنه خرط أكثر من اللازم أو تغافل عن مناطق كانت تستحق عناية أكثر!.. لكن نبيلة ظلت حلوة ورقيقة على الدوام، وطبقًا للمعلومات المتداولة وسط الشلة، فإنها لم تتورط فى المشى مع أحد طوال «إعدادى وثانوى»، لكن المعلومات عن سنواتها بالجامعة كانت شحيحة.
بعد أسبوع التقيته مرة أخرى، فلم أنتظر أن يحكى، وإنما بادرته بالسؤال عن الأخبار، وهو من جانبه لم يتردد فى الحكى. قال: قابلتها أكثر من مرة.. حديثها حلو، وثقافتها واضحة، وقد منحتنى ثلاثة لقاءات هذا الأسبوع، غير المكالمات التليفونية، وهذا فى حد ذاته مؤشر على أن الأمور بيننا تمضى فى طريقها الصحيح. قلت له: عظيم يا صاحبى.. يبدو أننا سنسمع أخبارًا حلوة قريبًا.. وللحكاية بقية.