علي العمودي
أن يكون الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في مصر للمرة الثانية خلال أقل من عام، فذاك تجسيد لمستوى العلاقات الأزلية والتاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين، وتأكيد لوقفة أخوية إماراتية بكل حب وإخلاص مع مصر لتواصل دورها التاريخي.
تواصلت أصداء الزيارة رسمياً وشعبياً، لتعبر عن الاعتزاز والتقدير لنهج إماراتي أصيل يحمل قناعة ثابتة بدور مصر ومكانة مصر التاريخية، ويقيناً راسخاً بقدرات شعبها العظيم عبر العصور.
«وما تمثله من عمق استراتيجي للمنطقة، وصمام الأمان للبلدان وللشعوب العربية، وبأهمية دورها المحوري والمهم على المستويين الإقليمي والدولي»، وبالذات في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الأمة العربية.
نهج أكد عليه سموه أن الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ستظل «خير سند ومؤازر لمصر الشقيقة حتى تنهض وتنطلق من جديد، وتواجه مختلف التحديات بروح وطنية جديدة، ولتحقق من خلالها مسيرتها تطلعات الشعب المصري في مستقبل يسوده الخير والتقدم والنماء».
كانت محطات الزيارة تتجسد فيها تلك المعاني والرؤى الجليلة، بلقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمل مصر وخيار شعبها للعبور نحو غد أكثر إشراقاً وبهاء، ولقاء المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء المصري، والوقوف على ملفات حكومته وإسهام المشروعات الإماراتية فيها لتلبية احتياجات برامج التنمية.
ومن جهة أخرى، كانت زيارة سموه للأزهر الشريف، ولقاء فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، تعبر عن الاعتزاز الكبير برسالة هذا الصرح الكبير ودوره في نشر رسالة الإسلام وقيم الوسطية والاعتدال.
وهو دور يتعاظم في عصرنا الحالي، ويكتسب طابعاً ملحاً جراء ما لحق بهذا الدين العظيم من تشويه كبير وإساءة بالغة على يد أولئك المتاجرين بالإسلام الذين أرادوا اختطاف جوهره السمح وقيمه العظيمة في صون حياة الإنسان وحسن تعايشه وتسامحه مع الآخرين، ومارسوا باسمه كل صنوف الغلو والتطرف والقتل والتدمير.
كما جاء حرص سمو ولي عهد أبوظبي على زيارة النصب التذكاري في مدينة نصر الذي يخلد ذكرى الجنود المصريين، ووضع إكليل من الزهور عليه، للتعبير عن التقدير الكبير للقوات المسلحة المصرية ودورها الوطني المتواصل وتضحياتها الكبيرة في مختلف مراحل تاريخ مصر، وكانت دوماً إلى جانب الشعب المصري وخياراته، لأنه جيش وطني بامتياز.
كنت في مصر منذ أيام قليلة، ولمست مدى اعتزاز وامتنان وتقدير أبناء شعبها الشقيق لمواقف الإمارات وأبنائها إلي جانبهم، وكل الشرفاء الذين وقفوا معهم وقفة الرجال في ظرف دقيق أراد فيه بعض المرتهنين لمصالح جماعاتهم، تقزيم دور مصر وجعلها تابعاً لهم ولجماعتهم.
كما لمست فيهم روح التفاؤل بالمستقبل ومواجهة تحديات المرحلة بالعمل الدؤوب والمخلص، لتعود مصر كما كانت دوماً عرين هذه الأمة وقلبها النابض، مهما تكالبت عليها الظروف، واستهدفتها قوى الشر والإرهاب التي أساءت التقدير وفهم المتغيرات، واعتقدت أنها قادرة على سلب مصر دورها الريادي وإبعادها عن مركزها التاريخي.
وزيارة سمو ولي عهد أبوظبي توثق لآفاق جديدة من وفاء الشقيق لشقيقه على أرض الكنانة.