بقلم - علي العمودي
عند مدخل إحدى البنايات في منطقة المعمورة بأبوظبي، والتي تُعرف كذلك بمعسكر آل نهيان، تجمع ثلاثة شبان يبدو أنهم يعملون في إحدى الشركات الكائنة هناك، ليدخنوا، وبينما هم في غفلة من أمرهم غارقون بأحاديثهم، ظهر أمامهم فجأة «رادار» بشري من أعضاء فرق متابعة التزام أفراد الجمهور بالتدابير الوقائية، والإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا المستجد كوفيد-19.
تقدم الرجل منهم بكل أدب وهدوء طالباً بطاقات هويتهم، ليحرر لكل منهم مخالفة غرامتها ثلاثة آلاف درهم، لعدم التزامهم بالإجراءات، وبالأخص مسألة التباعد الجسدي. غرامة لن تجعلهم أكثر التزاماً وحرصاً في المرات القادمة، وإنما قد تدفعهم لهجر عادة التدخين السيئة المضرة بالصحة والمال.
«الرادار» البشري يختلف تماماً عن «الآلي»، فالأخير ومن مكانه الثابت وعدساته الحادة يصور المخالفات أولاً بأول دون أن يترك مساحة واسعة للمراجعة، بينما الأول يتقدم نحو المخالف بكل تهذيب ويحاول إقناعه وتوعيته، بل ويمنحه فرصة للالتزام وعدم معاودة المخالفة.
الفرق المنتشرة اليوم، ومن بينهم متطوعون وجدت لمساعدتنا وحمايتنا، من خلال تعزيز الإجراءات الوقائية التي تطبقها الدولة للحد من انتشار الفيروس ومكافحة الجائحة، وعلينا جميعاً التعاون معها بممارسة بسيطة فيها حماية لنا ولأسرنا وللمجتمع بأسره، وهي الالتزام. واجب بسيط أمامنا يساهم في إنجاح الجهد العظيم والكبير الذي تقوم به الدولة، وسجلت معه الإمارات تجربة ناجحة ومثالية في التعامل مع الجائحة.
حالة المد والجزر في تسجيل الإصابات خلال الفترة الماضية، سببها عدم الالتزام والاستهتار من قبل البعض، لأننا وللأسف نعاني وجود شرائح في المجتمع تتحدر من بيئات لم تعتد على الانضباط ووجود القوانين والأنظمة، وإنما اعتادت على منطق «الهراوة» والتعامل الصارم الغرامات الباهظة دون أن تدرك وتعي تبعات استهتارها واستخفافها بالأنظمة والتدابير.
اليوم الإمارات وهي تتجاوز الستة ملايين جرعة، في إطار برنامجها لتطعيم مواطنيها والمقيمين على أرضها باللقاح المضاد لفيروس كوفيد19، إنما تشد الخطى نحو التعافي والتصدي للجائحة التي نجحت في إدارة أزمتها بكل احترافية عالية ويقظة كبيرة تواكب المستجدات العالمية، وكل ما هو مطلوب تعاون الجميع لعبور هذه المرحلة المفصلية والمهمة من المواجهة مع الفيروس والجائحة، التي شلت الحركة في الكثير من بلدان العالم.
كل التحية والتقدير للأبطال الذين يتقدمون خطوط الدفاع، وكذلك «الرادارات» البشرية التي تقف بالمرصاد لكل مستهتر. وحفظ الله الجميع.