بقلم - علي العمودي
تواصل عصابات الاحتيال الهاتفي والنصب نشاطها الإجرامي للسطو على أموال الناس بطرقها وأساليبها الملتوية مستغلة التقنيات الحديثة، وجهل وسذاجة الضحية. وعلى الرغم من كل حملات التوعية التي تنظمها وزارة الداخلية ومختلف إدارات الشرطة في مختلف الإمارات، ورغم الضربات المتتالية التي توجه لهم ويتساقطون معها في قبضة العدالة، تواصل تلك العصابات نشاطها بكل جرأة تصل حد الوقاحة.
يتأمل الأمر في الإشكالية اللافتة حول النشاط الإجرامي «النظيف» (بمعنى أنه يتم عن بُعد) أي دون مواجهة مباشرة بين المجرم وفريسته، في هذه السوق العالمية التي قال مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي بشأنها إنه تلقى في عام واحد أكثر من 460 ألف شكوى تتعلق بعمليات احتيال إلكتروني ووصل إجمالي الخسائر إلى 3.5 مليار دولار.
مناسبة الحديث المتجدد عن هذا النشاط الإجرامي تلقِّي مكالمة من رقم محلي لهاتف نقال يتحدث صاحبه بالإنجليزية بلكنة آسيوية مدعياً أنه من الهيئة الاتحادية للهوية وأن بطاقتي مجمدة بسبب عدم تحديث البيانات، وهو السيناريو المتكرر الذي لا يتوقف أمامه الضحايا، إذ لا يتوقفون أمام انتحال شخص آسيوي صفة موظف لهيئة حكومية إماراتية هويتها ولغتها العربية ثم ما علاقة الهيئة الاتحادية ببطاقات السحب الآلي المصرفية؟
دعوت المتصل للقاء في مركز شرطة الشعبية لتسلم وثائق تجديد البطاقات، فرد ساخراً «لقد أرعبتني» وأقفل الاتصال. لم تفاجئني وقاحة الانتحال بقدر الرسالة النصية التي وصلتني في الوقت نفسه بزعم أنها من شرطة دبي للدخول على أرقام محددة في الإطار ذاته من محاولات استدراج الضحايا، وهي تحمل أكثر من معنى في التجرؤ على القانون.
مررت الرسالة وموضوع الاتصال للجهات المعنية التي ستقوم بواجبها كما في مثل هذه الأحوال وغيرها، ولكن يظل السؤال الذي يبقى من دون إجابة حول الطريقة والتقنيات التي تتيح لهؤلاء المحتالين الاتصال بأفراد الجمهور، ومن أرقام محلية رغم كل الإجراءات المشددة والبيانات المطلوبة والتواقيع للحصول على رقم هاتفي.
العقوبات المشددة والمغلظة تظل الرادع الأشد لهذه العصابات التي تتكاثر كالفطر، ولا ينافسها في ذلك التكاثر سوى محال المساج التي تغمرنا وتطاردنا ببطاقاتها في كل مكان. نتمنى فعلاً أن يوضع حد لهذا النشاط الإجرامي المتواصل لوجود ثغرات ينفذ منها المحتالون، ومنها طريقة الحصول على الأرقام الهاتفية الأداة الأساسية في الجريمة، وينشطون عبرها لسرقة الناس بكل خفة وسرعة، وبعيداً في الفضاء الافتراضي.