بقلم - علي العمودي
نشاطر أهلنا في الكويت، بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، هذا المصاب الجلل الذي ألمّ بنا جميعاً بوفاة الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت أمس، الأمير الإنسان ووالد الجميع الذي حظي بحب الجميع لما وجدوه منه من محبة للصغير قبل الكبير، وحب لجمع الشمل ووحدة الكلمة، ومد يد العون والمساعدة حتى توّجته الأمم المتحدة بلقب أمير الإنسانية وقائدها الاستثنائي لجهوده في المجالين الإنساني والتنموي، والبارزة في العديد من الأقطار العربية والأفريقية والآسيوية.
كان فقيد الأمتين العربية والإسلامية والإنسانية يستقبل الجميع حتى في أحلك الظروف وأقساها بابتسامته البشوش المعهودة، وحرصه على السؤال عن أحوالهم في جولاته وزياراته، سواء في الكويت أو خارجها. وتابعنا الجهود التي بذلها رغم المرض وتقدمه في العمر من أجل وحدة الصف الخليجي، كدأبه دائماً وحرصه على أن تظل هذه المنطقة واحة أمن وسلام واستقرار ورخاء وازدهار، وهو أحد روّاد العمل الخليجي المشترك بما أغدق عليه من حكمته وصبره ومتابعاته الدؤوبة منذ أن كان وزيراً لخارجية بلاده لعقود متصلة.
وقد كان رجل المواقف الصلبة والآراء السديدة التي صقلتها الأيام والسنوات والتجارب المتواصلة في غمار السياسة في منطقة مضطربة من العالم، عانت من أنواء وأمواج عاتية.
للراحل الكبير مكانة كبيرة واستثنائية من المحبة والوفاء في قلوب أبناء الإمارات، وتتذكره الأجيال باعتباره القائد الخليجي الوحيد الذي كان شاهداً وحاضراً مع الآباء المؤسسين عندما ارتفع علم الإمارات لأول مرة على سارية قصر جميرا معلناً قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي شهدت كذلك جولاته المكوكية بين الحكام قبل التأسيس. وقد كان إلى جانب الإمارات حتى منذ ما قبل التأسيس وظهور النفط، عبر محطات من تلك الإسهامات الجميلة للأشقاء في الكويت، والتي كان يقف وراء متابعتها صباح الأحمد في مجالات شتى، سواء في البنية التحتية من طرق ومستشفيات ومدارس أو تعليم وثقافة وفنون.
وضع الراحل الكبير بصماته وأثره الطيب على الكويت التي ستمضي على النهج ذاته في قلب أشقائها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وضمن محيطها العربي والدولي، حريصة على الخير والسلام والتعاون بين الدول والشعوب، كما أرادها أن تكون فارس وأمير الإنسانية والحكيم الذي كانت تتجلى حكمته دائماً في الأوقات العصيبة تضيء الطريق وتنير الدروب.
وداعاً أمير الإنسانية، رحم الله أبا ناصر، وإلى جنة الخلد.