بقلم : علي العمودي
ونحن في رحاب شهر كريم فضيل روّعتنا جريمة نكراء لذئب بشري تجرد من كل المشاعر التي تمتّ بصلة للإنسانية، وهو ينقض على ضحيته الطفل الذي لم يتعد عامه الحادي عشر، وقد كان صائماً عائداً من المسجد حاملاً كتاب الله، وبعد فعلته البشعة أجهز المجرم المتجرد من آدميته على ضحيته خنقاً بحبل للغسيل فوق سطح منزل الأسرة التي عاشت أوقاتا عصيبة قبل أن يأتيها الخبر الصاعق بوجود الصبي جثة هامدة على سطح المنزل في أبوظبي، حيث اكتشفها بالصدفة عمال صيانة مكيف المبنى. تفاعل المجتمع والرأي العام مع الأسرة المكلومة والقضية كان كبيراً وواسعاً، انطلاقاً من عدة اعتبارات، في مقدمتها روح التكافل والتآزر الذي يميز مجتمع الإمارات مواطنيه ومقيميه دون تمييز أو تفريق.
كانت بداية اطلاع الرأي العام على القضية من خلال تفاصيل ما نشرته صحيفة«جلف نيوز» يوم الجمعة قبل الماضي استناداً لما ذكرته أسرة الضحية، وكان الطفل مفقوداً منذ الثلاثاء الذي سبقه قبل أن تطالعنا شرطة أبوظبي يوم الاثنين الماضي ببيان مقتضب لم يتعد السبعين كلمة عن الحادثة، إلى أن أعلنت القبض على القاتل في اليوم التالي، واتضح أنه كان على صلة بالأسرة، ومن نفس جنسيتها واستدرج الصبي متنكراً بزي امرأة.
سرعة القبض على القاتل رغم تنكره تؤكد الاحترافية العالية لشرطة أبوظبي والمهارات الرفيعة لكوادرها ولعناصر التحريات التابعين لها، وقد سلمته للجهات العدلية لتأخذ العدالة مسارها، ومع كل التقدير والاعتزاز بجهود شرطة أبوظبي، إلا أن سرعة إطلاع الرأي العام سواء في هذه القضية المؤلمة أو غيرها أمر مهم للغاية لجهة القضاء على أية إشاعة تُنسج في مهدها من ناحية، ومن ناحية أخرى تحمل توعية لأفراد المجتمع بضرورة أخذ الحيطة ومتابعة الأبناء، ووضع ترتيبات احتياطية لأجل المزيد من الحماية لهم من أية مخاطر، ومنها وجود ذئاب بشرية تحوم حولهم.
ومع سقوط ضحية جديدة على يد أمثال هؤلاء من المجرمين الذين تجردوا من كل معنى للإنسانية، تتجدد الدعوات بتشديد العقوبات وإنزال أقصاها بحقهم، فالإعدام جزاؤهم العادل الذي يستحقون، وبحضور الجمهور ليكون عبرة. ولا زلنا نتذكر الإعدام العلني لقاتل الطفلة ليلى في رأس الخيمة قبل نحو ثلاثين عاماً، وكنا نعتقد أن قضية الطفل عبيدة في دبي ستكون آخر حلقات المسلسل المؤلم.