عائشة سلطان
لقد اندلعت الحرب في اليمن تحديداً، الذي هو خاصرة السعودية، وعنق الزجاجة لاقتصادات نفط الخليج، والمنفذ الأهم لقناة السويس، اندلعت بإجماع عربي لم يكن متوقعاً، لكنه حدث في لحظة عربية شديدة التشظي والتمزق والضعف، تم الإجماع، تكون التحالف بقيادة المملكة السعودية، وأما قمة شرم الشيخ الأخيرة فقد منحت قرار الحرب الشرعية المطلوبة، لقد كان المبرر للحرب واضحاً، ولذلك فالحرب وجدت غطاءها سريعاً ومؤيديها، الحوثيون، الوجه الآخر لـ«داعش» أسقطوا شرعية اليمن، وأخذوا يتمددون، وبمساعدة إيران طرق الحوثيون الحدود الجنوبية للمملكة، ووجهوا صواريخهم باتجاهها، وحين لم يستجيبوا لنداءات الحوار والتفاوض، كان لابد من آخر العلاج: الضربة الجوية، وقد كان !
تكرار سيناريو «داعش» في اليمن لم يكن ليسمح به خليجياً وعربياً ودولياً، المنطقة على فوهة بركان حقيقي يتفجر من كل جانب، والحوثيون لم يكونوا سوى مخلب قط لمن هم أكبر منهم، وترك المجال لهم لم يكن لينتهي من دون حمام دم، وإذن فلم يكن من حل سوى الضربة الجوية، المشكلة الكبرى في قرار الحرب أن من يتخذه لا يستطيع أن يلغيه أو يوقفه، سهل أن تشعل فتيل حرب لكن من أصعب الأمور إعادة الأمور إلى سابق عهدها، واليمن تتحول مستنقعاً عسكرياً للمرة الثانية، لقد زج عبد الناصر بـ 70000 جندي مصري في اليمن عام 1962، عندما قامت الثورة ضد الإمام البدر ابن الإمام حميدالدين، وانقسم العرب إلى مناصر للملكية ومناصر للجمهورية بزعامة السلال، تلك الحرب التي اعتقد البعض أنها لن تستغرق سوى أيام انتهت بعد ثماني سنوات، وتحديداً عام 1970 باستنزاف مدمر لقوة الجيش المصري وانتصار للجمهوريين ونهاية الملكية في اليمن! فهل شاركت «إسرائيل» في حرب اليمن يومها؟ نعم شاركت في الحرب واستفادت منها، لقد تعرفت وبشكل علني وعن قرب على تكتيكات الجيش المصري وخططه وآلياته وأسلحته، والأهم أنها ساهمت في استنزافه بإطالة أمد الحرب، ولم يكن مفاجئاً للذين ينقبون في التاريخ أن يعرفوا أن إلقاء الأسلحة بطريقة الإسقاط الجوي كانت هي الطريقة التي اتبعتها إسرائيل في تدخلها في حرب اليمن، حين كانت تسقط الأسلحة والذخائر على أنصار الملكية ضد الجمهوريين، وحين كانت تعزز إمكانات المحاربين الأوروبيين وتنسق معهم، نعم كان هناك مرتزقة أوروبيون، يحاربون إلى جانب أنصار الإمام بدر الذي مني بهزيمته النهائية لاحقاً !
هل تحارب «إسرائيل» اليوم في سوريا وليبيا واليمن والعراق؟ التاريخ يقول لنا من حارب لأجل مصالحة في ستينيات القرن العشرين لا يستبعد أن يفعل ما هو أكثر من ذلك اليوم!! في كل مصيبة في المنطقة فتش عن.. «إسرائيل» !