عائشة سلطان
جيل السبعينيات والثمانينيات هو الجيل الذي حظي بثمار وخيبات التحولات معا ، فالإمارات كما كل دول الخليج عاش المرحلة نفسها بتفاوت زمني بسيط بين دولة وأخرى، لكنها جميعها قطعت مسار الاستقلال والانفصال عن بريطانيا واكتشاف النفط وتصديره واستغلال عائداته بالوتيرة نفسها في البدايات على الأقل، كانت هذه البلدان كلها متلهفة على تعويض ما فات، وما فات هو ما كان سائدا في بلدان المشرق يومها كمصر ولبنان والعراق وسوريا تحديدا، كان لابد من توظيف البترول ضمن مشاريع نمو وتنمية ضخمة وبوتيرة متسارعة، فانفجرت المنطقة بمشاريع التعليم والبعثات والبناء والعقارات والدخول إلى كافة أشكال ومظاهر الحداثة والانفتاح، فانفتحت العواصم الخليجية لجميع الجنسيات، الثقافات ، الأفكار ، الأحلام والطموحات !
كان المشروع الحداثي الذي راهنت عليه هذه الدول يتبلور بوضوح هو مشروع التعليم ، سواء التعليم بمستوياته العادية أو التعليم العالي وما بعد العالي ، وكذلك ما تعلق أو ارتبط عضويا بهذا المشروع وهو الرموز الفكرية والأسماء المثقفة من أدباء ومثقفين وكتاب وشعراء، إضافة إلى مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني، ومن خلال هذا المشروع تحديدا تسللت معظم الأفكار والإشكاليات التي لم يتم التعامل معها بالحذر المطلوب أو على الأقل بالوعي المطلوب، فاصبح التعليم بمناهجه ومدارسه عرضة للتجارب والتجريب والتجاذبات ما بين التيارات الليبرالية والإسلامية المتشددة وحتى المتطرفة، ولقد تجاوز الأمر مسألة التجريب والتجاذبات إلى التغلغل والانتماءات وتأسيس تيارات وصراعات تبدت بشكل واضح جدا بداية سنوات الثمانينيات في جامعة الإمارات تحديدا !
ذلك جيل حظي بانتعاش أدبي هائل تجلى في بروز أسماء وقامات أدبية كبيرة في الإمارات تركت نتاجا أدبيا حظي بالكثير من التقدير والاحتفاء على مستوى نقاد الوطن العربي، لن ننسى حبيب الصايغ وسلمى مطر سيف ومريم بوشهاب وظبية خميس وإبراهيم مبارك ومريم جمعة فرج واحمد راشد ثاني وعبدالحميد احمد وغيرهم الكثير، كما حظي ذلك الجيل بانتعاش حركة تأسيس الجمعيات والاتحادات والجدالات التي دارت والمجلات التي ظهرت وأعداد المتعلمين المتزايدة وتبلور فكرة عمل المرأة وخروجها للوظيفة العامة وبروز فكرة التوطين أو الأمرتة و...
لقد كان جيل الثمانينيات جيل التحولات والعواصف بامتياز وكان ذلك مهما جدا في مسيرة التغيير وبناء الدولة والوعي الاجتماعي !