بقلم - عائشة سلطان
لمدة عام كامل ينقص شهرين ربما، لم يكن للناس من حديث سوى حديث الوباء «كورونا»، ولم يكن لهم من هاجس سوى السؤال عن كيفية الخروج من هذه الورطة الكونية التي وجدوا أنفسهم فيها دون أن يعلموا كيف؟ ودون أن يكون لأحدهم يد فيما حصل.
ولكي يخففوا عن أنفسهم وطأة الإحساس بالكارثة، صاروا يلقون باللائمة على ما قيل إنه بلد منشأ الوباء: الصين، كما صاروا يتتبعون عبر الأخبار كيف تسرب الوباء من مدينة ووهان الصينية التي لم يكن يعرفها أحد قبل عام، واليوم يعرفها كل سكان الكوكب، لكن البحث لم يقد الناس إلا لمزيد من القلق والأسئلة، وكان السؤال: هل ستوفر لنا الصين العلاج المنقذ كما كانت السبب المباشر في الجائحة؟
وكما كان عام 2020، عام تفشي وباء كورونا، فقد شهد أيضاً تفشياً غير مسبوق لنظريات المؤامرة، لقد ألقت تلك النظريات بالبشر في ثقوب سوداء حقيقية من الأفكار والقلق والهواجس، وشهدت مواقع التواصل تناسلاً غير طبيعي لأعداد لا حصر لها من المتحدثين، المحللين، أشباه الأطباء وأشباه العلماء، الذين جعلوا من كورونا ملعباً وفضاء وفرصة للعب دور ما، للظهور والشهرة، ولتحقيق مكاسب معينة: متابعين، إعلانات ومعارك مجانية تافهة!
قبل نهايته، سجلت البشرية أولى خطواتها للانتصار على الوباء، وظهرت اللقاحات المنتظرة، وعاد منظِّرو المواقع الافتراضية ليجددوا فرص ظهورهم ثانية من بوابة مهاجمة اللقاحات والعلاجات هذه المرة، تاركين الناس الذين لطالما تساءلوا عن المخرج والعلاج حيارى، يسألون كما بدأوا: ما الحل؟ هل نأخذ اللقاح أم لا؟ هل اللقاح الصيني هو الأفضل أم الأمريكي؟ هل.. وهل؟ هذا هو حديث الناس، وقلقهم الذي لا يريدون الخلاص منه على ما يبدو!