بقلم -عائشة سلطان
تعود الحياة في المدينة إلى وتيرتها المعتادة، ولكن بشيء من الحذر، إن لم نقل التخوف، نتحدث عن عموم الجمهور: الموظفين والموظفات، الباعة، عمال المطاعم، المترددين على المراكز التجارية والمقاهي، الراغبين في السفر، وأولياء الأمور الذين يحملون هاجس العام الدراسي المقبل، بعد أن قضى أبناؤهم نصف عام متسمرين أمام شاشات أجهزتهم، متسائلين، كيف سيكون الحال في العام القادم؟!
نعم، عادت عجلة الحياة إلى سابق دورانها، بل ستضطر إلى تسريع محركاتها أكثر، لتعويض الكثير من الخسائر، سيرتدي الناس الكمامات لفترة طويلة، وسيتباعدون حيثما وُجِدوا، لكن ماذا عن كل ذاك الهراء الذي تم ضخه في قلوبهم وأذهانهم، تلك الصور ومقاطع الفيديو، والخطب والأرقام المخيفة، والقصص الإنسانية التي تبللت أطرافها بالدموع والفراق؟.
ماذا عن الصراعات العلنية والخفية، التي تمت على صفحات الجرائد وبرامج التلفزة بين السياسيين، وشركات الأدوية والمختبرات، حول الوقاية والاحترازات والعدوى والمخاطر، وتصنيع العقار الذي دخل مرحلة المزايدات والمساومات، قبل أن تتم تجربته على البشر؟.
ماذا عنك وعني، وعن جيراننا الذين لم نسمع لهم «حساً» منذ أشهر، ولم نلمح أطفالهم في طرقات الحي، حين كانوا يركبون أو ينزلون من حافلاتهم المدرسية؟ ماذا عن أهلنا وإخوتنا الذين لم نلتقِهم منذ أيام طويلة، وأصدقائنا الذين غابوا في زحمة الجائحة، هل سنعود سريعاً لنكون نحن الذين كنا، وهم الذين كانوا قبل أربعة أشهر؟، بلا أسوار وهمية، وبلا مخاوف وقلق وهواجس، وأفكار حزينة؟.
أعتقد بأننا سنعود، وستنتصر فينا إرادة الحياة للحياة بكل صخبها وتناقضاتها، لكننا حتماً سنجلس ذات يوم، وسنقلب أوراقاً، ستحكي لنا عما حدث، وكيف حدث، ومن تسبب فيه؟، وسنعرف من سرق منا ذلك الأمان في تلك الأيام، ملقياً بنا في فم الوحش!