بقلم - عائشة سلطان
منذ أن قرأت كتاب «الحب» وأنا لا أكفّ عن العودة إليه، فالكثير مما يتضمنه الكتاب من أفكار ومواقف تتقاطع مع صميم أفكارنا وحياتنا الاجتماعية وعلاقاتنا مع مَن نحب أو مع أصدقائنا وأفراد عائلتنا.
مؤلف هذا الكتاب هو أستاذ أمريكي من أصول إيطالية، متخصص في علم النفس السلوكي بجامعة كاليفورنيا، بنى مادة كتابه على قصص حقيقية عايشها من تجاربه الواقعية في عالم التدريس والعلاقات مع الطلاب والسفر لبلدان الشرق، إضافة لتأثير جذوره الإيطالية في نظرته للعلاقات الإنسانية.
لقد شكّل البحث الدؤوب عن الحب، والتأكيد عليه والإصرار على نشره بين طلابه، هدفاً في حركته في الحياة وليس في الجامعة فقط، حتى إنه أسس لمادة دراسية اختيارية بعنوان الحب، استنكرتها إدارة الجامعة في البداية، لكنها رضخت تحت إلحاح الدكتور «ليو»!
ذات صباح نادى هذا الأستاذ على طالبته التي لطالما امتدحها لتفوقها اللافت، لكنها لم تُجب ولم تأتِ لاستلام ورقة إجابتها، كما خيّم صمت تام على قاعة الدرس، فالطالبة لم تحضر اليوم ولن تحضر أبداً! وضع ورقتها جانباً وأكمل درسه كالمعتاد، حين انتهى حمل أوراقه وحقيبته وتوجه لمكتبه، طرق بابه أحد الطلاب، دخل بهدوء ليخبر الأستاذ بما لم يكن يتوقعه أبداً! الطالبة التي ناديت اسمها اليوم قد انتحرت مساء البارحة!
لماذا؟ سأل أصدقاءها ووالديها وكل من كان يعرفها ويحبها ويحيط بها، كما سأل نفسه، فكانت صدمته مضاعفة. إذ كيف تفكر فتاة مثلها في الانتحار؟ كيف تنتحر فتاة لديها كل أولئك الأصدقاء والمعجبين المحيطين بها دون أن يملك أيٌّ منهم تفسيراً لانتحارها؟ فحتى والداها حين زارهما لتقديم واجب العزاء وسألهما، أبديا حزنهما واستغرابهما لكنهما لم يمتلكا أية إجابة، سوى رسالة الوداع التي تركتها لهما!