بقلم - عائشة سلطان
(لانتر انسيغان) صحيفة فرنسية، اشتهرت في باريس في عشرينيات القرن الماضي، وعرفت بطرحها أسئلة استقصائية على مشاهير ومثقفي أوروبا، وقد وجهت في تلك السنوات، سؤالاً حول ردود فعل هؤلاء إذا تلقوا خبراً بأن نهاية العالم قد أزفت!
كان الروائي «مارسيل بروست»، أحد هؤلاء المشاهير الذين تصدوا للإجابة لفرضية وقوع الكارثة، بروست الذي كان لا يثق بالأطباء، نظراً لعدم تمكنهم من شفائه من مرض الربو، الذي عانى منه طيلة حياته، والذي بسببه بقي مستلقياً في سرير ضيق لأربع عشرة سنة متواصلة، لا يفعل شيئاً سوى مكابدة اختناقات الربو، وكتابة رواية طويلة وغير معهودة، فكانت النتيجة، رواية ضخمة، نشرت في عام 1913، هي (البحث عن الزمن المفقود)، التي اعتبرت إلى يومنا هذا، واحدة من التحف الروائية!
كيف كانت إجابة بروست، حسب ما أوردها الكاتب الفرنسي (آلان دو بوتون)، في كتابه «كيف يمكن لبروست أن يغير حياتك؟»، يقول: «وجود خطر يهدد حياتنا، سيجعل الحياة أكثر روعة، لأننا سنصبح أكثر تعلقاً بها، فكروا بكم المشاريع والرحلات وعلاقات الحب والدراسات التي تخفيها الحياة عنا، وكانت لا مرئية بفعل كسلنا الذي يمعن في تأجيلها باستمرار، بسبب ثقتنا الراسخة بأننا سنفعل ذلك في المستقبل، لكن فجأة، نصير نتمنى إرجاء (الكارثة)، إلى أن ننجز مشاريعنا تلك!»
إنه الزمن إذن، الذي ينظر إليه بروست بطريقته، الزمن الذي يهمله الإنسان، ولا يلتفت أو لا ينتبه إلى أنه خصم شرس، ومورد طبيعي قابل للنفاد، أو التلاشي، إن الإنسان، وبسبب ذلك الإيمان النزق بأن الزمن يمكن أن يتفلت، إلا من بين يديه هو، ما يجعله يؤجل كل شيء، إلى درجة أن البعض يؤجل حياته كلها، إلى حين ينتهي من أعماله الأخرى، ثم سيتفرغ لما يحب، ولتنفيذ تلك الحياة والأحلام التي لطالما راودت قلبه!