بقلم - عائشة سلطان
تعالوا أحدّثكم اليوم عن هذه الكتب التي أتعثّر بها في كل مكان في منزلي، غرفة نومي، وغرفة المكتبة، وغرفة المعيشة، وحتى أفاريز نوافذ المطبخ، لا أدري كيف تكاثرت كأرانب ناعمة ملونة، لكن هذا ما حصل، أكتب عنها اليوم بعد قصة حب طويلة وممتدة جداً معها، لكنني أخشى أن أكرهها وهي تخرج لي لسانها متحدية أن يمهلني الوقت والشغف لقراءتها جميعها!
لا أريد أن أكرهها، فمن ذا يكره مخلوقات جميلة، والكتب جميلة جداً وواثقة حين تعرض نفسها عليّ ومغرية، أعرف ذلك من أسماء مؤلفيها وعناوينها وأغلفتها، وبعض الأسطر التي أختلسها وأنا أقلب صفحاتها واقفة في مواجهة أرفف المكتبة، أو وأنا أصطحب بعضها معي، وأقلبها من تحت الأغطية آخر الليل. في وقت متأخر جداً، حين لا يكون للتلفزيون جاذبية تذكر، وحين تكون المكتبات في كل الدنيا قد وضعت لوحة «مغلق»، وغرقت في الظلام.
لا أريد أن أكرهها لأن الحياة أكلت عشب الروح، ولم تترك للكتب وقتاً يليق بأن أتقاسمه معها، فأين الوقت لقراءة مجلدات أعمال تشيخوف العظيم، أو تولستوي العبقري، وإكمال قراءة روايات نجيب محفوظ، وكتب سيمون دي بوفوار التي اشتريت كتابها الضخم (المثقفون بجزأيه)، ولم أقرأه حتى اليوم، أو مؤلفات كونديرا صاحب الأفكار الفلسفية التي لا تخطر إلا بباله، ودواوين محمود درويش بتلك اللغة الباذخة التي لا تقاوم، وألبير كامو الغريب!
أما معظم روايات هذه الأيام فتكتب للجوائز ولزمن آخر، إنها تشبه وقتاً لا يشبهنا، لذلك فهي مملة ومليئة بالثرثرة والإقحامات غير المبررة لأفكار صارت مفروضة، مع ذلك فبإمكانك العثور على كتب مفاجئة وجميلة بشكل غير متوقع، وهذه أيضاً تحتاج وقتاً مختلفاً للتمتع بها