بقلم - عائشة سلطان
بدأ العام بارداً على عادته في شهر يناير، يومها كان «معطف غوغول»، بين يدي، وقد غرقت في حكاية «أكاكي» الموظف البائس الذي كاد يتجمد تحت شتاء مدينة سانت بطرسبيرج القارس، ما دفعه لاستبدال معطفه القديم بآخر جديد، دفع ثمنه غالياً فيما بعد. كانت هذه أولى استعاداتي لقراءات المراهقة، تلك الكتب التي قرأناها بمشاعر ونفسيات مختلفة، فإذا بالنضج والتجربة يجعلانا نراها بشكل مختلف تماماً!
«قصتي» للشيخ محمد بن راشد، من ألطف كتب التاريخ والاجتماع السياسي، 50 قصة تعود بنا لقرنين ماضيين، تأخذنا في رحلة عبر الذاكرة والجغرافيا والشخصيات، لتقول لنا كيف تكونت دبي، وكيف نمت فكرة الحلم والشغف.
اتفقت مع كل فكرة جاءت في كتاب «علينا أن نكون نسويين» للنيجيرية تشيماماندا انجوي أديتشي، كتاب على صغره إلا أنه مذهل في بساطة أفكاره وعمقها وقدرة الكاتبة على إقناعك بها، هو ليس رواية ولا كتاباً بالمعنى الحقيقي، إنما مجرد خطاب قدمته الكاتبة في أحد المؤتمرات.
من كتب الاستعادات التي سبق لي قراءتها رواية «صخرة طانيوس» لأمين معلوف، لقد مضى على قراءتي الأولى لها أكثر من 20 عاماً. ومع ذلك عندما بدأت بقراءتها عادت صور تلك الأمكنة في الضيعة اللبنانية الجبلية تتوالى، كما عادت صورة طانيوس جالساً على صخرته العالية برأسه المشتعل بياضاً وهو لا يزال صبياً صغيراً!
* قرأت «20 قصة منسية» للروائي ماركيز فأحببته قاصاً كما أحببته روائياً وربما أكثر.
وعندما قرأت «في بلد الرجال» لليبي هشام مطر توقفت طويلاً عند تقنية الراوي الطفل، بدا لي أمراً ساحراً أن أتابع تفاصيل الحياة من خلال تفكير وعيون طفل، وتذكرت مجموعة روايات حكيت بلسان طفل كان آخرها «الندبة» للأمريكي بروس لاوري.
لذلك سنظل نقرأ لنتبين أكثر مدى حاجتنا للمعرفة وللوعي.