بقلم : عائشة سلطان
في حياتنا أوهام كثيرة، تلتصق بعقولنا، وتظل هناك دون تغيير أو تثبت، نعيش حضور الوهم في أوسع تجلياته وأكثرها سطوة، كاعتقادنا أننا اليوم أكثر تواصلاً مع بعضنا البعض ومع العالم، هذا أحد أكبر أوهام الإنسانية في هذا الزمن، بينما الحقيقة أننا أكثر قدرة على التلصّص على بعضنا، على استعراض أشيائنا وأوهامنا وانتصاراتنا الوهمية، وأكثر قدرة على الابتعاد عن بعضنا والوصول للمعلومات التي تخدمنا، لكن هذا كله لا يعني أننا أكثر تواصلاً مع بعضنا.
أحد أكبر أوهام المثقف مثلاً، اعتقاده بأن الناس لم تكن تقرأ قديماً لأنه لا وجود للكتب، أو لأن الكتب كانت باهظة الكلفة، هذا أحد أوهامنا الكبيرة، والحقيقة أن الناس لا تقرأ بغض النظر عن وفرة أو غلاء الكتب، بدليل أنني أعاني - كقارئ نهم - من تراكم أكوام الكتب التي أشتريها من معارض الكتب عاماً في إثر آخر دون أن أقرأها، نحن لا نقرأ رغم وجود الكتب لأننا استلبنا وانشغلنا وفضّلنا أموراً أخرى أكثر عبثية وغير ذات جدوى!
أحد أوهامنا أننا نراكم أحلاماً جميلة، ومشاريع بانتظار الانتهاء من الوظيفة، أو لحين يكبر الأولاد، ويصير الزوج متناغماً مع متطلبات زوجته، نقول لأنفسنا: غداً سينتهي كل هذا الانشغال وسنتفرغ لتلك الأحلام المؤجلة، ثم يمر العمر، نكبر، يمرض الزوج، يفقد رغبته في البقاء بالبيت، ناهيك عن الرغبة في السفر مع زوجته، تفقد الزوجة أيضاً اهتمامها بالسفر للأماكن الرومانسية وبمباهج أخرى، تفضل جلسات النميمة وفحوصات المستشفى.
ويا للخسارة أين ذهبت الأحلام المؤجلة؟ إن أحد أكبر أوهامنا تصديقنا بإمكانية تأجيل الأحلام وتخزين الوقت في ثلاجة الأيام! بينما لا شيء يمكن تأجيله أو تخزينه أبداً، مَن كان له حلم فليعشه اليوم، فالغد يمكن ألا يأتي يوماً.