بقلم - عائشة سلطان
يتحدث البعض عن العمر باعتباره ذلك الزمن الفيزيائي المحسوب بالساعات والأيام، والذي كلما انقضى منه جزء شعر البعض بتلك الغصّة التي نحسها جميعاً حين يضيع منا شيء عزيز أو غالي الثمن، فينظرون بعين واحدة، أو من زاوية وحيدة، أو ينظرون كما يقول المثل السائد إلى نصف الكوب الفارغ، لذلك لا يرون النصف الملآن أبداً، كما أنهم لا يتساءلون عن تلك السنوات التي يظنونها انقضت ولن تعود، فهل انقضت فعلاً ولن تعود؟
الأمر كله يعتمد على زاوية النظر للسنوات وللعمر والزمن، وعلى ما انقضى منه وكيف انقضى وكيف عاد إلينا ثانية! لنطرح هذا السؤال: إذا امتلكت مليوني درهم واشتريت بهما بيتاً لك ولعائلتك، بعد عشر سنوات كم سيكون ثمن ذلك البيت؟ وما مقدار الفائدة التي جنيتها خلال السنوات التي مضت؟ ما مقدار السعادة التي تحققت لك ولعائلتك؟ تذكر شعورك بالأمان، بالأوقات الهانئة والذكريات السعيدة، أطفالك الذين وُلدوا فيها، نجاحاتك التي تحققت.. وغير ذلك كثير، أنت إذن لم تخسر أبداً!
هل أنت سعيد بهذه المعادلة؟ هل أنت راضٍ بما أنت عليه، وتستمتع بأيامك كما يجب في هذه السنوات التي لم تعد فيها شاباً صغيراً يركض خلف الأيام بمرح وطيش، وبهذا اليقين بأنك أجمل وأكثر حكمة وممتلئ بالتجارب والهدوء، وقادر على الاستمتاع بالحياة، وبالشعور بقيمة ما بين يديك من نعم؟
ستكون سعيداً إذا كنت تنظر إلى وجهك صباحاً في المرآة فترى تلك الخطوط الرفيعة أسفل العينين أو عند أطراف الشفتين فتقول: ذلك ثمن الأيام، النجاحات، الأولاد، المكانة الرفيعة التي وصلت إليها، والأوقات الممتلئة بالكثير، والكتب التي ملأتك بالمعرفة والمتعة.. إنها خطوط التماس الضرورية بين معارك الحياة التي خضتها وأوقات الهدنة التي حصلت عليها، وكلها كانت في صالحك!