بقلم - عائشة سلطان
وها هي سنة 2020 تسحب آخر خطواتها، تجر أقدامها وأخبارها وأوجاعها، وتلوّح بالرحيل، وقبل أن تفعل، كان العالم كله قد اصطف وتراصف كجبال وأسوار لركلها بقوة، وقذفها في الفراغ، ستختفي 2020 لكن من ذا سينسى ما تركته في سكان كوكب الأرض من أوجاع وآلام ورعب وصدمات، من ذا يستطيع أن ينسى عام الوباء المرعب، سنة كورونا، والعزلة والخوف الذي ما بعده خوف؟
سترحل 2020 كما رحلت قبلها سنوات أشد ألماً ومرارة بعد أن داست على عنق البشرية وفقأت أيامها، رحلت سنوات وباء الإنفلونزا الإسبانية، وسنوات الحرب الكونية الأولى والثانية، كما رحلت سنوات الحروب والمجازر والتدمير والانقلابات والفيضانات والاغتيالات.. رحلت سنوات كانت أشد قسوة، وأصبحت مجرد تاريخ يدرّس للتلاميذ في قاعات مدارس بدأت تتضاءل.
مع ذلك فإن 2020 رغم سوداويتها لملايين من البشر، فقد كانت حافلة وكريمة مع ملايين أخرى تحققت أجمل أمنياتهم في عام الوباء، فكانت سنة حافلة مليئة بالكثير وبكل شيء، عشنا فيها إنسانيتنا حتى آخر قطرة وبقدر ما استطعنا، فقدنا أحبة غادرونا بالموت والفراق وكسبنا أصدقاء وأصحاباً أشرقوا في أعمارنا وأسعدونا، مددنا لهم أيدينا كما فعلوا هم أيضاً.
سامحنا قدر استطاعتنا، كما غضبنا بحجم ضعفنا، واعتذرنا حين قدرنا، قرأنا العديد من الكتب، واشترينا الكثير من دواوين الشعر وتشاركنا القراءة والمعرفة والضحك، مشينا في أسواق مدينتنا حين أغلق العالم أبوابه دوننا، فكرنا في أنفسنا وفي أصدقائنا وفي قلوب أمهاتنا، عرفنا الله أكثر واقتربنا من إنسانيتنا أكثر.
المهم أننا عشنا 365 يوماً بكل ما فيها وما فينا من وعي ومحبة.. لهذا فإن 2021، أيّاً ما كان ما تحمله فقد تأهلنا وتدربنا لمواجهتها بكل ما منحتنا إياه 2020 من قوة وعزيمة وخبرات.