بقلم -عائشة سلطان
الهوس بالأشياء هو حالة حب أو تعلّق مفرط أو مبالغ فيه بالأشخاص أو الجمادات، وأحياناً بالفنون والعملات ونوادر الحيوانات، فهناك مهووسون باقتناء أنواع نادرة من الطيوروالزهور.
وهناك مولعون بالمتاحف والموسيقى وشراء اللوحات النادرة أو المخطوطات القديمة. ويعرف عن الأديب الإماراتي محمد المر ولعه الشديد بالكتب والمخطوطات والطوابع، وهو من بين الأشخاص الأكثر اهتماماً باقتناء المجموعات النادرة من الصور واللوحات الفنية والكتب النادرة، وهذا دليل وعي وذوق وذائقة وتوجّه شخصي بلا شك يعززه ميل جارف باتجاه الثقافة والفن قائم على الاهتمام والشغف ووفرة المال بطبيعة الحال!
هناك حكايات كثيرة حول البحث عن نوادر الصور والمخطوطات والرسائل والطوابع يحكيها أصحابها من الأصدقاء، وممن قرأنا انشغالهم بهذه الأمور من المولعين بالفنون والآداب، وهم حين يحكونها فإنهم يفعلون ذلك بكثير من الاعتداد والفرح الذي ينم عن شغف حقيقي، يجعلهم مستعدين لبذل الكثير من المال في سبيل هذا الولع.
إضافة إلى السفر والذهاب إلى أبعد مما نتخيل لأجل الحصول على النسخة الأولى لأول كتاب أصدره كاتب أصبح من الخالدين اليوم، كتلك النسخة التي حظي بها الصديق جمال الشحي، وهو يتنقل في البرتغال متتبعاً خطوات ساراماغو صاحب «العمى» الرواية العبقرية التي لا تنسى، هناك وفي مكتبة بعيدة جداً التقى بائع كتب يعرض نسخة أولى لأحد كتب هيمنغواي، فيقرر شراءها بمبلغ لا يكاد يذكر نسبة لقيمة الكتاب!
صديقتي هالة مستعدة لدفع كل راتبها نظير شراء كل ما تعشقه من الكتب العظيمة والجميلة، وهي قارئة نهمة وانتقائية وجميلة جداً، لا تشتري قبل أن تسأل وتبحث وتقرأ جيداً عن الكتاب الذي ستشتريه، إنها لا تشتري بعينيها ولا بشكل عشوائي أبداً، وأتوقع لها أن تصبح مرجعاً لتقييم الكتب. صديقتي ولشدة حبها للكتب لا تفوّت فرصة زيارة المكتبات حين تسافر إلى أي بلد، لذلك فقد دخلت مكتبات القاهرة وإسطنبول والبوسنة والكويت وو إلخ..
هذا حب جميل وولع نتمناه جميعاً، وهو مختلف تماماً عما أصبحت تدرجه الموسوعات العلمية في أيامنا هذه عما يعرف بـ «البيبلومينيا» أي مرض الهوس بالكتب، أو إدمان الحصول على الكتب وتجميعها، وهو حالة تشير إلى علاقة متطرفة بالكتب تبدأ مع الإنسان في سن مبكرة جداً وبشكل طبيعي، كما يحصل مع أي واحد منا حين يتعلق قلبه بالكتب وحب القراءة، ثم وبعد سنوات طويلة يتحول الحب إلى هوس ثم مرض، خاصة حين يدفع صاحبه لسرقة الكتب وتجميعها لمجرد الاستمتاع بتملكها، وهنا يحتاج صاحبه إلى علاج!!
نقلا عن البيان
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع