بقلم : عائشة سلطان
غداً تحتضن العاصمة أبوظبي الحدث الثقافي السنوي الذي ينتظره آلاف الناس من الناشرين والقراء والمثقفين والكتاب والمكتبات والموزعين، وللأطفال نصيب كبير من التظاهرة، بعد أن تنامى الاهتمام بكتاب الطفل في السنوات الأخيرة شكلاً ومضموناً، ومع هؤلاء المناظرين يقف كل المعنيين بصناعة الكتاب، والمروجين له، والمستفيدين والباحثين عن المتعة والشهرة والجوائز واللقاءات من الأجانب والعرب، فمعرض الكتاب ليس مجرد كتب فقط، إنه كتب وأمور وقضايا كثيرة جداً، مهمة ومثيرة وثرية بالمعرفة والتجربة الإنسانية، قضايا قد لا يحيط بها إلا من عاش في دهاليز معارض الكتب، وتنقل في ممراتها عارضاً ومشترياً وباحثاً ومحاضراً وحتى.. متسكعاً !
أول ما ينتظره الكتاب ودور النشر الإعلان عن نتائج جائزة الرواية العربية العالمية «البوكر العربية» بعد أن وصل للقائمة القصيرة ست روايات تطرح مواضيع في مجملها إشكالية جداً حتى يصل بعضها إلى طرق محظورة شديدة الحساسية، وهنا نقول وبثقة: وما نفع الأدب وما قيمة الكاتب إن لم يطرح أشكالاً مثيرة تاركاً خلفه الكثير من التساؤلات، إن التحرك في المياه الضحلة ليس مغامرة سباحة تذكر ولا تترك أثراً، كما لا تشكل بطولة بأية حال، وحدها السباحة في المحيط تعد بطولة أو مغامرة أو حتى مقامرة، والحياة في نهايتها مغامرة جلية علينا أن نخوضها حتى النهاية !
ما ينتظره الناشرون هو القراء الذين يفترض أن ينتظروا هم بدورهم أيضاً كتباً جديدة، غنية وعميقة، تلبي احتياجاتهم واختلافاتهم ورغباتهم، لكنهم يتمنون حتماً ألا تقف الأسعار حجر عثرة في طريق اقتناء الكتب، أما نحن فنتمنى أن تتحول عادة زيارة معارض الكتب إلى طقس عائلي جماعي يعود الآباء والمعلمون صغارهم على رؤية الكتب ولمسها وتقبيلها والتدرب على فنون تقييمها واتخاذ قرار شرائها، فهذه معرفة لا تكتسب إلا بالتعود على رفقة الكتب وزيارة المكتبات والمعارض !
المعلمون والمعلمات الذين يحضرون إلى المعرض بصحبة طلابهم نهمس في آذانهم بكلمات بسيطة نتمنى أن يتقبلوها منا بقبول حسن: معرض الكتاب ليس مطعم وجبات سريعة ولا حديقة ألعاب ولا مركزاً تجارياً نطلق للطلاب العنان يلهون فيه دون توجيه، زيارة المعرض يجب أن تكون مخططة وتوجيهية وتعليمية، وعلى من تختاره المدرسة أن يصحب الطلاب، أن يكون قارئاً وقادراً على أخذهم وتوجيههم للكتاب الجيد والممتع والمفيد، أما تركهم يملأون الممرات صراخاً وركضاً فهذا لا يتناسب لا مع المعرض ولا مع دور المعلم، الطلاب بحاجة إلى بوصلة فكونوا بوصلتهم للكتاب لا لمطاعم الهامبورغر، فهذا ليس دوركم أبداً !