بقلم - عائشة سلطان
ما زلنا نتحدث عن القراءة، نذهب إلى المؤسسات والاجتماعات والجلسات الافتراضية لنتحدث عن الكتب، وكيف نغرس محبتها في قلوب الصغار، كيف ننقش هذا الأثر الذي لا يمحى في نفوسهم؟ كيف ننجح في جعل الكتاب والقراءة جزءاً من يوميات أفراد الأسرة: الوالدين وطلاب المدارس والأطفال؟ إنها مهمة ليست سهلة، خاصة ونحن نرى حجم التحديات والمعوقات في الخارج وفي حياة واهتمامات الأبناء!
أتذكر يوم دخل إلى مكتبي منذ سنوات طويلة عندما كنت أعمل في جريدة «البيان» رجل مثقف وأديب فاضل لا يشق له غبار، وبعد أن تحدثنا في الصحافة والأدب التفت إليّ قائلاً: لم أترك طريقة لجعل أبنائي يقرأون إلا واتبعتها، لكن أياً مما فعلت لم ينجح في دفعهم باتجاه المكتبة، فبماذا تنصحينني؟
تحدثنا طويلاً في جذور المسألة، وأذكر أنني اقترحت عليه أمراً فاعتذر بحجة أن ليس لديه ما يكفي من الوقت وقوة الأعصاب لذلك، ثم أخبرني لاحقاً أنه اقتنع بأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان.
لكنني كنت وما زلت مقتنعة بأنه كان بالإمكان فعل شيء ما، إلا أن الرجل لم يكن مستعداً للتضحية بوقته أو لبذل المزيد من الجهد، وأن تخلق قارئاً ليس بالأمر السهل أبداً، إنها مهمة رسولية بالفعل، فأنت تغير إنساناً، تعلمه كيف يألف الورق ويصادق الكلمات ويعيش مع الأفكار، وتقنعه بأن يضحي بأوقات المرح والأصدقاء ليجلس إلى كتاب، فأي بهجة في ذلك؟
ذلك يحتاج إلى بداية مبكرة من قبل الوالدين، بداية تبدأ منذ بدايات تفتحه، وتبدأ تحديداً من لحظات القراءة الحميمة له وهو في سريره، والمواظبة على هذا الطقس بشكل ثابت، واصطحابه للمكتبة ومعارض الكتب وجعله يختار وينتقي ويدفع من مصروفه.. ليس أمراً سهلاً أن تعلم طفلك القراءة، لكنك إذا نجحت فستكون أسعد الناس به.