بقلم : عائشة سلطان
في ممرات معرض أبوظبي للكتاب بدا الرجل متأنياً في سيره يحمل عبء الفكرة ويمشي ناظراً في كل الاتجاهات، وأمام واحدة من دور العرض السورية استوقفته، حييته، كيف أنت أستاذ جهاد؟ بابتسامة بدت مجاملة ولبقة أجاب: أنا بخير، لكنها الأمة (هي التي في الأرض)على حد تعبير الكاتب جهاد الخازن، وهو توصيف يقال عند سوء الأحوال وتدنيها في أي مكان!
جهاد الخازن كتب عن الأمة العربية كثيراً في زاويته الشهيرة (عيون وآذان) بجريدة الحياة، كتب عن أحوالها وسياستها وانتقد أوضاعها واقتصادها وسياسييها وأشار بفخر إلى نقاط التألق والازدهار فيها، كتب عن تاريخها ومواجهاتها، حروبها ومعاركها الحقيقية منها والزائفة، عن الثورات والانتكاسات، وتصدى للكثير مما كتب عنها من تعديات وادعاءات في صحف الغرب. جهاد الخازن سألني: هل فكرت يوماً وأنت في الثانية عشرة من عمرك أو أكبر قليلاً أن يؤول أمر الوطن العربي لهذا الحال من التردي؟
قلت له بالتأكيد لم يخطر أي شيء مما يحصل اليوم على بالي في تلك السن، الجيد منه أو السيئ، لأنني كإنسان عادي أعيش الواقع وأتفاءل بالغد لكنني لا استشرف المستقبل، استشراف المستقبل توجه مهم وعلم غائب عن عالمنا العربي الغارق في صراعاته، مع ذلك فدولة الإمارات مثل ساطع على أن هذه الأمة إذا امتلكت الإيمان بنفسها واستشرفت مستقبلها واستعدت له بأدواته فإنها بلا شك ستنجو من الصراعات والحروب والتخلف!
هل وصل حال الأمة إلى أن أصبحت بالأرض فعلاً؟ هي كذلك واقعاً وظاهراً اعتماداً على ما نراه ونسمعه، فالسياسة مأزومة والجغرافيا مخلخلة والثقافة لا تعطي مؤشرات إيجابية كما ينبغي، مع ذلك فالأمور كما يقولون رهن بالتاريخ والنهايات، وسواء شئنا أم أبينا فليس أمامنا سوى الأمل.
في الإمارات نحن نفكر في التقارب والتسامح ونبذ الكراهية ومحاربة التطرف، هذه قيم كبرى لا مجال للتنازل عنها، وإلى جانب الأمل في المستقبل فإن علينا أن نعمل ونبحث كما تفعل الإمارات عن بدائل أخرى للطاقة والحفاظ على الموارد والاستثمار في الشباب والنساء، بالعلم والثقافة وتربية القيم، فبغير ذلك لا يمكننا مواجهة الحياة والوقوف في وجه تحدياتها بقوة.
إن أهم ما على العرب أن يؤمنوا به ويصدقوه هو أن التطرف لا يأتي من الخارج، إننا نحن من نربيه ونمهد له البيئة لينمو، لذا علينا أن ندقق في مستويات المعيشة وفرص التعليم والتوظيف، وفي مناهجنا وكتبنا وتعليمنا، وإعلامنا إذا أردنا أن نقوم بقفزة واسعة ومأمونة تجاه الغد حتى لا نظل في الأرض طويلاً على حد تعبير جهاد الخازن!