بقلم : عائشة سلطان
بما أننا لا زلنا نعيش ذكريات وحكايات معرض أبوظبي للكتاب، الذي بالكاد انتهى منذ يومين، فإن صحفياً أو كاتباً حاذقاً لو أراد وضع كتاب ممتع ومسلّ ومفيد كذلك، فإنه لن يجد أفضل من جمع تلك الحكايات والتفاصيل التي فاضت بها أجنحة وأروقة معرض الكتاب.
فكل من مرّ أو دخل أو حتى تسكّع دون حاجة سوى حاجة التسكّع بغرض تمضية وقت لا بأس به وسط ضجيج حي وممتع كمعرض الكتاب، حتى هذا له حكاية تستحق أن تحكى، فما بالك بالكتّاب والناشرين والعارضين والمثقفين والمترجمين والفائزين بالجوائز، وأولئك الذين حلموا بها فخذلتهم وأولئك الذين وقفوا على المنصات وسط الأضواء والتصفيق.
لدى كل واحد من هؤلاء، ممن حل ضيفاً على المعرض حكاية جاء ليقولها بطريقته، بعض هؤلاء قال حكايته سريعاً أو متسرعاً، وبعضهم ترك لنا خيطاً من الحكاية قصداً، لنستكملها نحن بطريقتنا الخاصة، لكن الجميع على اختلافهم تركوا لنا أشياء كثيرة هنا وهناك في فضاء المكان والذاكرة، اتفقنا مع بعضها واختلفنا مع بعض أصحابها، أحببنا بعضها وضحكنا على بعضها واستمتعنا ببعضها، وتأملنا بعضها بإعجاب حقيقي.
وأياً ما كان موقفنا من هذه الحكايات فلا بدّ من الاعتراف بأن واحدة من فضائل معارض الكتب جمع أكبر عدد من الأصدقاء تحت سقف واحد، لتدور رحى الحكايات.
وليستحيل دقيقها زاداً لبعضنا حين تعز الكتابة عليه، أو حين يشتعل فيه حنين الذاكرة، قالت سيدة عربية تعرفت إليها وجاءت تلقي محاضرة حول الترجمة، إنها تأتي للإمارات لأول مرة، لكنها ممتنة لهذه الفرصة القيمة ومبهورة بطيبة الإماراتيين وبشاشتهم وذوقهم وحسن تصرفهم واستقبالهم، وهذا الانطباع هو واحد من أهم الأهداف التي نسعى جميعاً لتركه في نفوس ضيوف الإمارات، إنه استثمار المال والوقت والثقافة والخدمات الإنسانية كقوى ناعمة لتقديم صورتنا للآخرين بشكل جميل لا ينسى.
قال أحدهم: هناك دور نشر إماراتية كثيرة كما أرى، وقد صرف عليها الكثير من المال، ولديهم إصدارات كثيرة، لكنها لا تخرج خارج الإمارات! قال له رفيقه على طاولة الغداء وكنت أنصت لهما: إصداراتهم لا تغادر المحلية، ردّ عليه الأول: ربما هناك مشكلة في التوزيع وتسرّع في النشر! اتفقت مع كلا السببين، لأنني أظن بأن كليهما يشكل أزمة بحاجة لمعالجة، كما أن كلا السببين يحوي حكايات تموج بها أجنحة الدور الإماراتية وقلوب الناشرين!