بقلم : عائشة سلطان
في الإعلام الحديث، أو الإعلام الرقمي، فإن درجة المصداقية ودقة الأخبار التي يتم تناقلها عبر وسائط هذا الإعلام تعتبر المشكلة الأولى التي لا يبدو أن لها حلاً في الظرف الراهن، ووحدها التحذيرات والتلويح بقوانين الضبط الإلكتروني هي المتاحة حالياً أمام مؤسسات المجتمع وأمام الأفراد!
بالنسبة لقنوات وتطبيقات الإعلام الاجتماعي، فهناك أكثر من إشكالية، في الوقت الذي يتحول كل مواطن إلى صحفي بإمكانه التقاط صورة وبث أي خبر عبر (مواقع الأخبار، الصحف الإلكترونية..) دون توثيق أو مراجعة أو حتى ضبط فنيات وأسس الخبر الصحفي.
فإن ما يحدث على السوشال ميديا أكبر من مجرد بث خبر غير دقيق أو غير صحيح، فهناك على مواقع (الفيسبوك وتويتر وسناب شات وواتس آب) عالم من الإشكاليات المزعجة جداً، والتي ستحتاج المجتمعات والمشرعون إلى وضع القوانين لضبطها (نقول ضبطها وليس مراقبتها بعد أن أصبحت الرقابة عملية صعبة وغير مستساغ الحديث فيها، رغم أنها تتم خفية!)
إن ظاهرة انتشار الإشاعات والأخبار المغلوطة، والمقاطع الصوتية المفبركة أو التي يقوم أصحابها بنشرها دون أي إحساس بمدى مخاطرها وتعديها على حقوق وحريات وسمعة الآخرين، حيث تنتقل هذه الإشاعات بسرعة انتشار رماد في يوم عاصف ومن ثم تجوب البلاد في بضع دقائق، ومن ثم تواصل انتشارها عبر نظام مجموعات الأصدقاء في الواتس آب مثلاً، والذين عادة ما يقومون بعملية إعادة إرسال كل ما يصلهم دون أن يقرأوه أو يفكروا في مدى مصداقيته ومخاطر انتشاره!
معلوم أن أجهزة الأمن والشرطة لديها أساليبها في العثور على أصحاب هذه الإشاعات والمقاطع حين تصل الأمور للمنازعات القضائية أو القانونية.
لكن هناك قضايا كثيرة خارج هذا السياق تتعلق بنشر معلومات خاطئة في الدين مثلاً، أو في القوانين أو في تشويه قيم أديان ومذاهب الآخرين، ونشر مقاطع مفبركة تمس جوهر تلك الأديان والمذاهب ما يفاقم العداء والطائفية، هذه القضية كيف يمكن التصدي لها إذا كان الإعلام الرسمي أو التقليدي غارق في طرح مسائل وبرامج غاية في التفاهة وعدم الأهمية ومنفصل تماماً عن هموم الناس وإشكالاتهم!
يطرح الإعلام الرقمي ومواقع التواصل إشكاليات خطيرة تحتاج لمناقشة وحوار مجتمعي واعٍ، فالأمر أكبر من شباب يتحولون أو نحولهم إلى نجوم يجنون أرباحاً من نجوميتهم الزائفة تلك، الأمر يتعلق بأمن واستقرار المجتمع وتكاتفه ومواجهته للعديد من التحديات!