بقلم : عائشة سلطان
العمليات الإرهابية المتكررة التي تستهدف أمن مصر: الأقباط في كنائسهم ورجال الشرطة في مراكزهم والجنود في ثكناتهم، تحتاج أكثر من احتجاج ومن استنكار ومن حزن، تحتاج استنفاراً وعملاً حقيقياً وصارماً على الأرض وبين الناس، فما يحدث خطير وفاجع، كما أن مصر تحديداً تشكل عمود الخيمة العربية وحجر الزاوية في الثقافة والانتماء والعروبة، أيًّا كانت حالها اليوم وأيًّا كانت أوضاعها،ما هي الا استكمال لمخطط سيطرة وإشاعة الفوضى التي تشتغل عليه جماعات ودول وأجهزة استخبارات كبرى!
ما حدث في مصر نهار أمس كان مؤلماً جداً؛ أشلاء ودماء عشرات القتلى والجرحى ممن خرجوا آمنين إلى كنائسهم لاستذكار الدروس والعبر من حياة سيدنا المسيح عيسى بن مريم يوم دخوله إلى أورشليم، في يوم عيد وصلاة دخل مجنون مهووس بلوثة القتل والدم والكراهية ليفجر نفسه في كنيسة بمدينة طنطا ثم يتم قاتل آخر في الإسكندرية، تاركين وراءهما أكواماً من الأشلاء والدماء والدمار والغصة والغضب والهيجان الذي يعلم الله وحده إلى أين سيذهب بالناس في مصر!
القتل مدان والإرهاب مدان والاعتداء على الآخرين باسم أي دين وأي مذهب وأي سبب مدان ومحرم في كل مكان، فللدماء حرمات لا يفهمها أغبياء التطرف وحمقى الجماعات الإجرامية التي تمادت وملأت الدنيا دماء ورعباً، حتى بات البعض يعترف بصوت عالٍ أنه ما عاد معنياً بأحد مسلماً كان أم مسيحياً أم يهودياً، إنه معني كيف ينجو هو وأبناؤه من هذه المذبحة المفتوحة على امتداد العالم، حتى صار هاجس الأمن والنجاة أول احتياجات المواطن ابتداء من السويد وانتهاء باليابان مروراً بكل قرى وبلدات وشوارع الدنيا، هذا ما نجح مدعو الدين ووكلاء الإرهاب والقتل في تثبيته وجعله ثابتاً أساسياً أمام أعين الجميع!
إلى مزيد من الإجراءات الأمنية المشددة ستتجه مصر وغيرها من الدول، ستصبح أبواب الكنائس والمساجد كبوابات الثكنات العسكرية والمطارات، ستغادر الطمأنينة والأمان بيوت الله، سيزداد الشرخ بين إخوة الوطن، إن لم تفعل الحكومات ما هو أكثر وأعمق مما تفعله اليوم فيما يتعلق بمحاربة الفكر المتطرف والمتطرفين، وإعادة ترتيب الأوضاع الاقتصادية والقضاء على البطالة والفقر والغلاء، واحتواء الشباب والمراهقين وتوفير برامج تنشئة وتعليم فضلى لهم، والاشتغال بجدية متناهية على منظومة القيم والتسامح وأخلاقيات قبول الآخر. لا بد من إجراءات صارمة وحقيقية لأجل حقن هذا الدم المتدفق مجاناً في كل مكان!