بقلم : عائشة سلطان
«دهاليز الظلام» سلسلة وثائقية تعرضها مجموعة قنوات تلفزيون أبوظبي، تتناول جانباً مهماً من تاريخ وتمدد وانتشار فكر وسيطرة تنظيم الإخوان المسلمين على أذهان الناس، وتحديداً قطاع الطلاب ومؤسسات التعليم فيالإمارات، عبر عمل دؤوب ومستمر ومستتر أيضاً، مستمر في الزمن ومتمدد في الجغرافيا عبر نطاقات إقليمية (مصر والكويت ولبنان والأردن)، كانت تتحرك فيها شخصيات فاعلة احتلت وظائف قيادية مهمة حساسة في وزارة التربية والتعليم، وفي صياغة المناهج وفي تحديد البعثات والمبتعثين للخارج.
لقد تحكم التنظيم أيضاً وبشكل لا يمكن إنكاره في صناعة وتحديد آليات العمل الطلابي سنوات الثمانينيات عبر السيطرة الكاملة على اتحاد طلبة الإمارات عبر تحديد وضع شخصيات ورموز طلابية من أصحاب الفكر نفسه، ومنهم من ظهر في الحلقة الأولى من السلسلة الوثائقية، وتحدث بحرية تامة عن تجربته وعن دوره في تلك الفترة وطريقة استقطابه، ولعل الذين عملوا في قطاع التعليم في تلك السنوات يعرفون على وجه الدقة كيف كان يتم استقطاب الصغار والصغيرات، وحتى المعلمين والمعلمات لجمعية الإصلاح عبر برامج دينية معدة بإتقان شديد، لم تكن تثير ريبة أحد على الإطلاق، لكنها كانت مدخلاً لتحقيق أهداف أخرى خفية!
ليس صحيحاً أنه لم يكن هناك تنظيم ولم يكن هناك عمل سري، فكل المؤشرات كانت تقود لحقيقة واضحة حول توأمة التنظيم الإخواني المصري مع ذلك الموجود في الكويت والإمارات، بدليل الرموز والشخصيات التي كانت مسيطرة على المشهد، والكتيبات التي كانت منتشرة بين أعضاء جمعية الإصلاح.
والتي تعود جميعها لأدبيات وأفكار كتاب ومنظري تنظيم الإخوان وعلى رأسهم أبو الأعلى المودودي وسيد قطب وحسن البنا والهضيبي ومشهور والسويدان وغيرهم، ما يدل دلالة منطقية على وجود رابط عضوي بالتنظيم العالمي والأساسي وبكل فكره ورموزه وأهدافه!
إن وضع الفكرة والتنظيم تحت ضوء المناقشة والتتبع التاريخي من خلال الإعلام، وعن طريق شخوص ربطتهم بالتنظيم علاقات فعلية، ومن دون غوغائية بعض المزايدين، أمر مهم جداً، أولاً: كتوثيق لمرحلة خطيرة من مراحل تاريخ وتطور الإمارات، وثانياً لفهم الكثير من الأمور المستغلقة كبعض التغيرات والارتدادات في مجال التعليم والبعثات، ولفهم سبب ونشوء التطرف في المجتمع الخليجي، ولتحديد الدور المطلوب لمؤسسات المجتمع المدني وكيف يخسر المجتمع حين يتم تجاوز ذلك الدور لأجندات خارجية خطيرة، لا يحتاج إليها المجتمع ولا تشكل أجندة متطلباته الفعلية!