بقلم - عائشة سلطان
يقول صديق لصديقه: أشعر برغبة ماسّة في الحديث، في الثرثرة، في قول أي شيء لشخص يشعر بي، أريد أن أنتزع هذا الثقل الذي يجثم على صدري! يجيبه صديقه بعد أن أولاه كامل انتباهه: لا عليك، قل كل ما تريد!
يقول: أشعر بكبت هائل، بضيق، بأن الأفق قد أطبق عليّ، وأتساءل: أين الحياة التي كنا نتمتع بها؟ أين الأصدقاء؟ والجيران، والحفلات، والمشاوير والأسفار والخطط التي لطالما كنا نعدها لحياتنا؟ هل تعتقد أن ذلك كله سيعود؟ أم أنني أعاني من حالة اكتئاب، وعليّ استشارة طبيب نفسي؟
يقول الصديق مطمئناً صديقه: لا تقلق، فما تشعر به طبيعي جداً في هذه الفترة الزمنية التي يمر بها العالم قاطبةً، لستَ وحدك من يشعر بذلك، إننا جميعاً نعبر النفق نفسه، ما تسبب في إحساس الجميع بأن حياتهم قد اختُطفت، فبالرغم من امتلاكهم كل شيء: الأموال، الصحة، الرغبة في الحياة، الأصدقاء... وكل ما يمكن أن يجعل أيامهم وأوقاتهم أجمل وأكثر بهجة، فإنهم لا يستطيعون الاستمتاع بما بين أيديهم إلا في أضيق الحدود، وبحذر وخوف شديدين!
الدنيا هي الزمن الذي نعبره مع غيرنا وبغيرنا، أما الحياة فهي توظيف كل ما نملك وما يتوافر لدينا من إمكانيات، لنتمتع بحياة سعيدة، هذا ما يفتقده الكثيرون اليوم، ويعلمون لماذا وكيف حصل ذلك، لذلك فهم يرجون الله تعالى أن يمنحهم القدرة على الصبر والمقاومة، ويعينهم على التغلب على هذه الأزمة الصعبة، وأن وجود أصدقاء ينصتون لنا ويكونون إلى جانبنا في هذه الأوقات العصيبة لهو أمر في غاية الضرورة؛ لأن الإنسان مهما بدا قوياً إلا أنه يظل كائناً ضعيفاً ويخشى الوحدة.