بقلم : عائشة سلطان
بعض الأسئلة التي لا يزال كثيرون من العرب حتى يومنا هذا يطرحونها على المرأة الإماراتية أو الخليجية عموماً يصح وصفها بأنها بعيدة عن منطق الزمن أو خارج السياق تماماً، إنها من نوعية تلك الأسئلة التي روجها المستشرقون عن العالم العربي في أزمنة ماضية، فبقيت الصورة التي رسموها عالقة في أذهان الكثيرين ممن سافروا للجزيرة العربية أو إلى مصر والمغرب وبلاد الشام بحثاً عن تلك الصور الملتبسة حول الحريم والكنوز والعبيد والرجال الطاعنين في السن الذين يتزوجون الصغيرات و...الخ.
صحيح أن عالمنا العربي لا يزال يرزح تحت أزمات سياسية واقتصادية وثقافية خانقة، ويعاني تخلفاً وفقراً وجهلاً، لكن هناك علماء، ومناضلون، وشعراء، وزعماء كبار، وحكماء وفلاسفة، وأدباء كبار لا يقلون عن أدباء الغرب إن لم يكونوا أفضل منهم، هناك شاعرات، وزعيمات، وقائدات لحركات تحرر حقيقية، هناك ثوار وقادة رأي ومنظرون ومدافعون عن أوطانهم، وشباب ممتلئون بالأحلام والتطلعات، ورجال ونساء يملؤون جامعات الشرق والغرب علماً وبحثاً وتفوقاً، العالم العربي هذا وأكثر بكثير.
والأمر نفسه ينطبق على دول الخليج العربي، فبعد أن دخلنا الألفية الثالثة كمجتمعات حديثة امتلكت رؤيتها ومشروعها التنموي، وقرارها بتمكين المرأة والشباب والمواطن بشكل عام، وفتحت كل المجالات أمام أجيالها الجديدة من الرجال والنساء دون تمييز، أصبحت أسئلة مثل: هل يعقل أن امرأة خليجية تفكر بهذا الانفتاح ؟ أو هل توجد امرأة خليجية تسافر وتعمل وتعيش وحدها؟
أو كيف أمكن وجود امرأة خليجية ذات ثقافة عالية أو تعمل بهذه الوظيفة مثلاً وسط مجتمع خليجي محافظ وذكوري جداً؟ هذه الأسئلة وغيرها لو طرحت منذ ثلاثين أو أربعين عاماً لكان لها ما يبررها نظراً لمحدودية تطور المجتمعات الخليجية، لكن ومجتمعات الخليج اليوم تعيش مرحلة الحداثة في معظم جوانب الحياة فإن هذه الأسئلة تمثل قصوراً في معرفة واطلاع السائل أكثر مما تشير إلى غياب في المعلومات حول أوضاع المرأة؛ فدول الخليج توفر كماً غزيراً من المعلومات والبيانات والإحصائيات عن أوضاع المرأة، هذه الأوضاع التي وصلت في تطورها حداً يفوق التوقعات.
ويسبق ما وصلت إليه المرأة في مجتمعات أخرى سبقت دول الخليج بمراحل. الخليج العربي لا ينحصر في المساحة الضيقة بين التحرر والتزمت، ولا في المنطقة اللامرئية بين الانفتاح والتطرف، أو في المنطقة الرمادية بين الأبيض والأسود، هناك تفاصيل لا حصر لها يصنعها القائد الحريص ذو الرؤية وتصنعها المرأة المكافحة والشاب الطموح، ما يجعلنا عالماً متميزاً، وذا خصوصية نعتز بها ولا تعيبنا أبداً.