في الصبر وَإنَّا إليه راجعون  1

في الصبر وَإنَّا إليه راجعون - 1

في الصبر وَإنَّا إليه راجعون - 1

 صوت الإمارات -

في الصبر وَإنَّا إليه راجعون  1

بقلم : ناصر الظاهري

يأتي الموت على هيئته، وحده.. كالريح الساخنة، كرماد يعلو الرؤوس، كطائر مصبوغ بالسواد والرماد، بذلك اللون المصفّر، المزرّق الذي يصبغ به الجلد، جاعلاً للوجه هيئة جمجمة، ذاك ما أوحى به لي مساء عمّان الشتوي ذاك العام، رأيت الهزال على وجه متعاف، التقانا مرة في مدينة بغداد، يومها كان مجللاً بوهم الانتصارات، يرتدي زيه العسكري المخضّر، كنّا و«خليل قنديل» فرحين نهارها ببغداد، كان ذاك الوجه للكاتب القاص «عبد الستار ناصر»، لكنه لم يكن نفسه في نهار عمّان، وبعد كل تلك السنوات، كذلك لم يكن «خليل قنديل» بتلك العافية، والإقبال على الحياة، وكنت أنا متوجساً من تلك اللقاءات التي تذهب في الهرم، واستدعاء ذاك الطائر المجنح نحو الظلمة، وبرودة المقابر.

ودعنا قبل سنوات قلائل «عبد الستار ناصر» ذاهباً في الهذيان، وغربة المهاجر، وبالأمس ودعنا الصديق، والقاص الكوني «خليل قنديل» صديق المسافات، ووجد المدن، وضجيجها، عشق المدن التي عاشها وأحبها، أبوظبي وإربد وعمّان وبغداد ودمشق، ومدناً كانت مفترضة على الخارطة العربية، كان لنا فيها ذاك البوح والعشق الصوفي، المتناهي حين تشارف وحب عشاقها.
«خليل قنديل» جاء إلى أبوظبي صغيراً، وعاش يذرع شوارعها، يلامس وجع العمال، ونشيج رزقهم الحلال، هنا تربى صغاره، وكبر هو والمدينة، لم يتركها من دون أن تكون لأصابعه تلك الخربشة، وذاك الحضور، فيها ولدت بعض مجموعاته القصصية، وذات مساء حزين كهذا، ودعها مخبئاً قبلاً للأصدقاء، وأشياء كثيرة تدثرت في جيوب معطفه القديم، تركها والحنين لها.

وفِي عمّان، التقيته مرات، ومرات، كان يدلني على مخابئها الصغيرة والضيقة، وما يمكن أن تحتويه شوارعها الخلفية من لقمة لا تبيت، ومن أماكن تضم الدفء وضحكات لا تنتهي، وتعليقاته الساخرة حد الدمعة الساخنة، والضحكة الرطبة، كانت مقاهي هي للفقراء وحدهم، ومطاعم رخيصة تتحمل ساعات الضجر، وساعات التوحد، وساعات كانت ثملى بالمحبة وكؤوس الغائبين، أخذني لباصات عمّان المزدحمة، وسيارات «السرفيس» الغاضب صاحبها من شيء لا ندريه، كان مخلصاً لها، ويستمد منها حكاياته وقصصه الكونية، لا يمكن أن ترى عمّان بغير عيني «خليل»، كان يضحكني بذلك التعامل الكيميائي الذي يجمعني معه، وكان الليل يسري سريعاً به ومعه، وحين ينبلج فجر المدينة، كان مطعم «هاشم» بوجبته الوحيدة والمعروفة يستقبل صبحنا الندي، ونسمات عمّان التي لا تخلو من قشعريرة البدن المحببة.

وحين أنقله إلى أماكنها الإرستقراطية يشكو من برجوازية صغيرة فيّ، لكنه سرعان ما يمنح تلك الأمكنة التي تضيق بأفقه روحاً جديدة، وضحكات من فكاهاته التي لا تنتهي..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الصبر وَإنَّا إليه راجعون  1 في الصبر وَإنَّا إليه راجعون  1



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 08:12 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"برشلونة يحسم صدارته للمجموعة الثانية في "دوري الأبطال

GMT 06:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

توم هانكس يؤكد أن عرض فيلم "غرايهاوند" 10 تموز

GMT 08:32 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مانشستر يونايتد يفقد شاو في مباراتين

GMT 13:17 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أروى جودة تُؤكِّد على عدم الاشتراك في مسلسل "قيد عائلي"

GMT 07:56 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سيف بن زايد يستقبل شيخ الأزهر الشريف

GMT 00:51 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"برشلونة" يرغب في ضم البرازيلي إيميرسون أباريسيدو

GMT 01:16 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

فهمي الخولي يُقرر تحويل رواية "الأرض" إلى عرض مسرحي

GMT 13:40 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات أنيقة بالحجاب على طريقة الفاشونيستا صوفيا غودسون
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates