أغنية الشتاء البيضاء

أغنية الشتاء البيضاء

أغنية الشتاء البيضاء

 صوت الإمارات -

أغنية الشتاء البيضاء

بقلم : ناصر الظاهري

للشتاء الأبيض سحره على النفوس، والمدن والنَّاس الماكثين أو العابرين، ثمة جمال من نور الأبيض يغشى الأمكنة، ويمنحها نهاراً من نوع آخر، وإن كانت الأشجار عارية، منتظرة أن يكسوها بثلجه القطني، إلا أنها تخبئ فرحها، والأجساد تبقى متدثرة منتظرة بهجة الخروج، حينما يسمح ذلك «الجنرال» الأبيض بخروج الدفء، وتلك الحميمية التي تقرّب الناس، والنفوس.

والمدن.. وبعض المدن وحدها من يليق بها الدثار الشتوي الأبيض، مانحة العشاق رائحة احتراق الحطب في المواقد، وشواء الكستناء، وما تعتق في أقبيتها الحجرية، تظل متلهفة لنزول ندف الثلج في بداية مشواره المتراقص بين السماء والأرض، وأينما يشتهي أن يمكث في الأمكنة، يبقى المقعد الخشبي في الحديقة العامة مهجوراً، يتذكر شاعراً مر من هنا، وجلس يهدهد قصيدته لتنام، يظل يتذكر في بياته الشتوي عاشقين عجلين، يريدان أن ينهيا كل شيء بعجل، ويتركا ضحكاتهما، وأغنية كانا يتبادلان سماعها تؤنس المكان، لكنه في وحدته الشتوية يستقبل فجأة القطن المائي، ويلونه بالأبيض، فيفرح بمداعبة الشتاء التي جاءت في وقتها، ولم تتأخر هذا العام.

لبعض من المدن وحدها جلال الشتاء، فتكون زاهية، وإن كانت الملابس تثقل أنوثة نسائها، وتجعلهن متشابهات كعاملات في مصنع للبلاستيك، وثمة كآبة تحلّ على محلات الصيف البحرية العارية أو تلك التي تحب أن تظل مكشوفة لمن يرتادها، وحدها المقاهي التي تحتل الأرصفة يمكنها أن تعطي كل فصل رقصته، ففي صيفها تتمدد على الأرصفة الحجرية، وتلاقي زبائنها من بعيد، وفي شتائها تختزن الدفء، ورائحة القهوة الساخنة، وإن كان هناك شيء من مطر، فكل نوافذها عيون، وكلها ذاهبة نحو تلك الالتماعة التي تبرق كخد واحدة نعشقها.. وننسى، ثم نتذكر بقوة أننا فعلاً نعشقها ولا ندري.

كيف يصنع بِالناس الثلج في فرح أول أيامه؟ فجأة تدّب حيوية ونشاط، وكأن شيئاً نثر عليهم فيه طاقة من خير وحبور، ويتذكر كل شخص الطفل الذي فيه، والذي لا يعني شيئاً آخر غير الفرح وصبيانية الأمور، الثلج في ميونخ بالأمس ذكرّ كل شخص من الماكثين أو العابرين بمكانهم الأول، حينما كان يحلّ الشتاء أو حين يتبعه ثلج أو مطر، فالجبل له هيبته في الشتاء، وحين يثلج، ولأهل البحر شتاؤهم الهادر مع تلاطم الموج الذي يتكسر عند حافة صخورهم الصلدة، ولأهل الصحراء شتاؤهم الذي يكسر العظم، ومطرهم باعث الحياة.. كيفما كان الشتاء فهو شيخ جليل، له مهابته، وله كل هذا الحضور، وإن غاب فرض تذكره، كانت بالأمس هديته أول فرح ندف الثلج المتساقط من علّ أو من مكان غير بعيد.

المصدر : الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أغنية الشتاء البيضاء أغنية الشتاء البيضاء



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates