نهار من صفائه ليته دهر

نهار.. من صفائه ليته دهر

نهار.. من صفائه ليته دهر

 صوت الإمارات -

نهار من صفائه ليته دهر

بقلم : ناصر الظاهري

لا شيء يعدل التأمل في الحياة، حين تسكن النفس، وتغدو مطمئنة، لا رجس، ولا إثم، ولا فجور، ولا بغية ظلم، ولا فيها ما يرجفون، تكون طاهرة كالماء، ظليلة كالغمام السائر، بريئة كطفل في القماط، تعود لنشأتها الأولى، وتكبر شجرة الخير فيها، وتدثرها تلك العطية الإلهية التي تجعلها كالطير تغدو خماصاً، وتروح بطاناً، شيء يستدعي القناعة، محظوظ هو من تهدى إليه أو من يهتدي إليها، حينها يصبح التأمل شيئاً من النسك والزهد والدعاء الذي لا تملّه النفس، ولا ينقطع، هو تراتيل مقدسة في هذا الكون المترامي، والذي فيه من الجمال والسماحة والنور والرحمة الكثير، غير أننا لا ندركه، لكون النفس لم تهذّب، ولم تقوّم، وبقي فيها من صفتها الأمّارة بالسوء.

جال بصدري الذي تضيق به صغائر التفاصيل، وتثقله شاردات الوقت، هذا الهاجس الروحاني، وأنا أعتلي هام السحب، ملتصقاً بنافذة باردة، هي مكاني الأرحب حين أكون معلقاً بين السماء والأرض، على كف طائرة وجهتها مطلع الشمس، حيث يسعفك حظك أن ترى فجر ربك وهو يشق الفضاء فارشاً للشمس رداء من أثير، وثمة سحاب مركوم يسابق بعضه بهيام في تلك الآفاق، يقترب كطائر تزاغيه الريح، ثم ينفصل لعله يحمل قطراً وبركة لمكان بعيد، لوحات بيضاء كندف القطن وأشد، تتشكل، سابحة، هائمة، مغادرة في سبحانيتها، كدعاء يستجلب الدمع في عقب كل صلاة، يا لذة ذاك التأمل الذي تشعر به بارداً في الجوف، وثمة ارتواء لا يخالطه شيء، والسماء وبروجها والطوارق، هي سجادة صلاة لكل المؤمنين الصادقين الذين يرون طريق إيمانهم صعوداً، تخطه نجوم وكواكب سيّارة لا متناهية، وتدّل كل من لا يريد عتّواً ولا نفوراً على كنه المعرفة، ومواطن الخير والحب والجمال.

لا ينبغي لهذا النهار أن ينتهي، وليته طويل كدهر، تريح صفحة خدك الملتصقة بتلك النافذة الباردة، وترى من علو منخفض بدائع تلك الجزر المغروسة في البحر، الزاهية بأشجار دائمة الماء واللون، وقباب من الأرض نافرة تتشح بالخضار، ثمة قطع من جنان متفرقة، وكأنها للتو نزلت من علياء فردوسها، لا يحرسها إلا الماء، ولا تهتدي لها السفن، لها تسبيحها، ونشيدها الدهري، ولا يمكن أن تقول شيئاً للإنسان إلا ما غرّك بربك الكريم!

ينتهي نهاري على الأرض، مقابلاً جبلاً، ما زال يحتفظ بجزء من عمامة الدرويش البيضاء، داعياً السحب أن لا تغيب عن ثلجه المتبقي منذ الشتاء، للجبال حضور من هيبة أبدية، هي مكامن أسرار الألواح والدُسر، وما خُط على القرطاس من حكمة، ومن حبر، ملاذ العابدين، ودمع الراكعين، الساجدين، الباحثين عن نور، وعن بصيرة، وعن فكر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نهار من صفائه ليته دهر نهار من صفائه ليته دهر



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates