زمن العكّاس وعكّاسته  2

زمن العكّاس وعكّاسته - -2

زمن العكّاس وعكّاسته - -2

 صوت الإمارات -

زمن العكّاس وعكّاسته  2

بقلم : ناصر الظاهري

كنت أظهر في تلك الصورة الأولى بعض الجدية غير المطلوبة، مع ضحكة تروح وتجيء، كانت أشعة الشمس تعشيني، ولا أستطيع أن أبرّق بعيوني، كانت الدمعة في المحاجر وقتها حاضرة، وحين «هزبني أبي»، تدلى البرطم قليلاً، وكدت أبكي مضيعاً الفرح بالصورة، حاولت أن افتح عيني معانداً أشعة الشمس، فظهرت عين واحدة «شوصاء»، وأصغر من أختها، تدخل العكّاس لحظتها لكي ينجز عمله دون بكاء الصبي، ولكي تظهر الصورة أحلى، ولكي لا يعيدها مرة أخرى، وهي لحظات ربما تدرب عليها كثيراً، فطلب مني مراراً أن أرفع رأسي قليلاً، وأفتح عيني، وأبرز صدري دافعاً به للأمام، وأنظر إلى يده بجانب العكّاسة، وابتسم قليلاً، غير أن الصغير ما يلبث أن يتحرك بإرادته، ويزرّ نفسه، ويريد أن ينفجر من الضحك، بلا سبب، فقط لأنهم أجبروه على التمثيل.

هذه الصورة بالأبيض والأسود والتي عمرها اليوم أكثر من 35 عاماً، ويمكن أن تضيفوا عليها سنوات أخرى دون لوم أو عتب، والتي تعب العكّاس فيها كثيراً، وهو يحاول أن يميل رأسي، ويرفعه عالياً بعض الشيء، وظهرت فيها كمواطن دمية يبدو أنه جاء للمدينة للتو، وسيضيع فيها، إذا ما غيّب ظله الذي يتبعه، تلك الصورة غابت بعد أنْ امتحت معالمها، وفقدتها مع ركض السنين، وتبدل المنازل، وجهل بالأشياء، تماماً مثلما غابت صور الآخرين منهم في زحمة أشيائهم الجديدة، لكني ما زلت أتذكرها في البيت الطيني القديم، كانت موضوعة في طرف

المرآة الوحيدة في الغرفة بجانب «الروزنه»، والتي كانت تزينها رسمة طاووس، وحين ابتكر العكاسون تلوين الصورة يدوياً، ضيّع الكثيرون صورهم بالأبيض والأسود بتلك الألوان البائسة. العكّاسون في الماضي كان يرحب بهم، ولهم منزلة، والناس تكن لهم احتراماً واضحاً، ومحبة غير عادية من كبار وصغار، حتى المرحوم الشيخ زايد كان يداعبهم ويمازحهم ويكرمهم، فقد سجلوا مشاهد أيامه، ورحلاته، وجولاته، وتفاصيل صغيرة أحبها، وأحبها الناس، واليوم هي من أغلى أشياء الناس التي تحرك الدمعة والفرحة في عيونهم.

لكن تعقد الحياة، وضريبتها، وما جرت من أحداث، جعلت الناس يدفعون بالمصورين إلى آخر الصفوف، رغم أن مهنتهم تتطلب منهم الوجود قبل الصف الأول، وتحملوا «الهزاب والنطرة، والفتنة، والتدفير، ولا أحد يقول لهم اقلطوا»، من أجل أن يحظوا بصورة مختلفة، ولها قيمتها، سواء كانت اليوم أو في الغد البعيد، والتي أتمنى أن لا تضيع مثلما ضيّعنا صور الطفولة البريئة، تلك التي أخذها يوماً ما عكّاس في سوق أبوظبي القديم، القديم!


المصدر : الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زمن العكّاس وعكّاسته  2 زمن العكّاس وعكّاسته  2



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates