بقلم : ناصر الظاهري
بقدر ما أسعد «السناب» النساء، بقدر ما أفلس الرجال، مرات في نسوان يشترن الجديد ليظهرن في السناب فقط، تجد الواحدة تقول بتصبح في «مكسار»، تتزهب وتتهندم، وتتحنى، فتعتقد أنت المنغمس بين كتبك القديمة، وأوراقك العتيقة أن ابنة خالتها معرسة، فتقترح كزوج على وجهه، وعلى الصراط المستقيم أن تقلها إلى العرس، فتقول لك: أي عرس يا حظي، هذا بس علشان «السناب، وكروب صديقاتي»، فتحسبه نادياً للسيدات في أطراف المدينة، فترد عليك: «أيوه بس في عالم افتراضي»، فيتملكك العجب أن سهيلة دخلت في عالم الافتراضي، فتضحكك الكلمة، وتتذكر وطرها الجميل، بعد الورس والياس، أصبحنا نتحدث عن عالم افتراضي، سقى الله أيام زمان حين بقيت يومين أشرح لها معنى «براغماتي»، ولما عجزت، قلت لها: «اعتبري البراغماتي مثل وستاد الصَلّحَة، وين يعجبه، صَلَح، ومن يقدم له غداءه، صَلَح جداره».
نعود للـ «سناب»، وما صنع بالنساء، اللي حاطه سلة زهور على رأسها، واللي معاليها نجوم تلالي، واللي حواليها قلوب حيرانه، واللي تلبس نظارات كبر العقال، واللي تسمعنا صوتها الذي يشبه قفزات الأرنب المستوحش، واللي تنقل خطواتها للمشاهدين الكرام، حتى لو دخلت في جحر ضب صورته، وكله يهون، بس مد البرطم في كل صورة، والذي بدون داع، لا زعلانة، ونعذرها، ولا هي طامح عند أهلها، وبنعرف. «السناب» أصبح اليوم مسرحاً لعروض الأزياء في الهواء الطلق، وسوقا للدعاية للمقتنيات بين الآنسات والمسنات، وأصبحن يتزاورن من خلال عالمهن الافتراضي، وما يظهرن فيه من ثياب في عالمهن الافتراضي يجب أن لا يراها أحد بنفس الفستان في عالم الواقع، فالملابس وعدتها ومستلزماتها ولواحقها التي أحضرتها سهيلة من باريس قبل شهرين، لم تجد فيها سَرّيحة تصلح لحضور زفاف واحدة تعرفها من بعيد، ومرات اسمعها مع صديقاتها وهي يثرثرن بصوت عال في مكالمة جماعية يخطفن على سيرة تلك السيدة التي تريد الذهاب لعرسها، ولا واجدة أي فستان في تلك الدواليب التي تشبه رافعات الميناء، والسبب أنها لبستها كلها في «السناب شات»، فلا تملك أي تعليق إلا أن هذا «السناب شات تقاشر على غوزياتنا»، وأصبحنا ندفع مضاعفاً لعالم افتراضي، وعالم واقعي، غير ضريبة القيمة المُضافة التي لا تعرفها النساء، ولا سائلات عنها، معتبرات الخمسة بالمئة كحال عين.
السؤال الذي يطرح نفسه على رأي أصحاب الكتب القديمة، والأوراق العتيقة، والذين لا يدرون عن العالم الافتراضي، ما يجوز الحرمة «تشاتي» بدون ما يكون «ريلها يحاتي»، ترا عجزنا ما نشتري «نظارات، وحقائب ماركات»، وكله من أجل العرض التلفوني لثوان لترضى سهيلة وأخواتها وصديقاتها و«كروباتها»!
نقلا عن الاتحاد