الهروب المشروع

الهروب المشروع

الهروب المشروع

 صوت الإمارات -

الهروب المشروع

بقلم : ناصر الظاهري

تقصيت سر إعجاب العالم الغربي بسلسلة روايات «هاري بوتر» ومثيلاتها، وكيف تنفد طبعات الكتب وبمختلف الترجمات عند شعوب العالم الأخرى، وكيف تبذخ السينما في إنتاجها لهذه السلسلة الناجحة فنياً وبتقنية عالية، والمدرّة مالياً كدجاجة تبيض ذهباً، فلم أجد إلا أن العالم الغربي ما زالت تستهويه حكايات السحر، وما زال يريد أن يهرب من عالمه المادي الفج، ولو لبضع ساعات، ويطير من واقعه لواقع متخيل أجمل، فيه المغامرة، وتحقيق الأمنيات بضربة عصا سحرية، وهذا هو ما ينقصه في عالمه الذي ترجّه ماكينات الصناعة، واللهاث اليومي الطويل من أجل شيء قليل، وربما يكون من أسباب النجاح أن مثل سلسلة هذه الروايات والأفلام المقتبسة منها تخاطب فئة عمرية مراهقة وشبابية، حيث الأحلام والسحر وتحقيق الأمنيات والمعجزات صفة غالبة عليها في هذا العمر، وهم بالتالي يشكلون أكثر سكان كوكبنا، وهم المؤثرون كقوة شرائية في رواج الكتاب أو نجاح الفيلم.

وفي عالمنا العربي ما زال هناك معجبون بالأفلام الهندية، كمشروع هروب من واقع مُرّ لعالم طريّ، وهو ما تفعله المسلسلات التركية المدبلجة، وتأثيرها على أفراد شعبنا العربي الأبي، فالذي يرى حمى التسابق على شراء هذه المسلسلات من قبل المحطات، والتكالب على سرعة دبلجتها، والتكتم على مفاجآت عرضها والترويج لها يعتقد أنها سترمم هذه البيوت العربية المتداعية، وأنها ستصلح ذات البين بين المتخاصمين، حتى يشك الواحد، والشك هنا في محله، أن البيوت العربية ناقصة «إنزيمات رومانسية»، وناقصة هرمونات عاطفية، ولديها تكلس في العلاقات الحميمية، وهشاشة في التجاذب الودي، وأن مسلسلا تركيا واحدا مثل النوافذ المتشظية أو على حافة وادي الهلاك أو شجرة الزنجيل المسمومة - هالشكل أسماء المسلسلات التركية- يظل يشحن البيوت العربية لمدة أشهر عبر مائة ويزيد من الحلقات بجرعات حنان وعاطفة ورومانسية مفقودة، ويشغلها بتفاصيل تصبح شغلها الشاغل، فالواحدة قبل ما تصبّح على جارتها، تسألها عن بهلول، وعن مهند سابقاً، وكيف قص شعره، وأصبح أكثر بريقاً وبياضاً ونظافة من المساحيق الأخرى!

والبعض منا من هم في عداد ناقصي عقل وشغل، وبعد ما تنتهي الحلقة، يركض على «اليوتيوب» ويشاهد الحلقة كاملة غير مراقبة، ولا مقصوص منها مناظر العشق الممنوع، ويمضي يوم الأسرة العربية، وهي تتراسل هاتفياً بأخبار أبطال المسلسل، والتعليقات الإيحائية، والمكبوتة والمسكوت عنها، والتواصي بتسجيل الحلقة لأن صاحبة التقويم في الدوام، فتطلب أن يرسل لها على نقّالها ملخصاً سريعاً عن الحلقة حتى تشاهدها حية، فترد صاحبتها التي خلعت التقويم قبل فترة وجيزة: شو فيه على «اليوتيوب» يا الهبلة، فتصرخ الأخرى: ما أقدر.. ما بأخذ راحتي أنا في الشغل، يا الله.. «باي»!

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهروب المشروع الهروب المشروع



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 08:12 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"برشلونة يحسم صدارته للمجموعة الثانية في "دوري الأبطال

GMT 06:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

توم هانكس يؤكد أن عرض فيلم "غرايهاوند" 10 تموز

GMT 08:32 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مانشستر يونايتد يفقد شاو في مباراتين

GMT 13:17 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أروى جودة تُؤكِّد على عدم الاشتراك في مسلسل "قيد عائلي"

GMT 07:56 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سيف بن زايد يستقبل شيخ الأزهر الشريف

GMT 00:51 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"برشلونة" يرغب في ضم البرازيلي إيميرسون أباريسيدو

GMT 01:16 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

فهمي الخولي يُقرر تحويل رواية "الأرض" إلى عرض مسرحي

GMT 13:40 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات أنيقة بالحجاب على طريقة الفاشونيستا صوفيا غودسون
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates