بقلم : ناصر الظاهري
يعد الإرهاب المحلي أو الدولي أو عابر القارات، وما يرتبط به من أفراد وجماعات وشركات وحتى حكومات من أقوى الاستثمارات اليوم التي تدار بيد متخصصين ومستشارين وبيوت قانونية، لا هواة، وحديثي نعمة أو باحثين عن الثروة، وكما الجماعات الإرهابية تحارب عن بعد، وبالإنابة أو بالتوكيل عن الآخرين، كذلك تدار ثرواتهم بالإنابة عنهم، وبالتوكيل منهم، وعن بعد كذلك، لذا لا تعجب كيف تقدر جماعات من المرتزقة والعاطلين عن العمل والمتعاطين الكيف والفكر التكفيري أو للمخدرات، والمرضى بالشر نتيجة دخولهم في صراعات دموية أو حروباً خاسرة أو من المطحونين اجتماعياً أن تنمو بسرعة مذهلة وفي فترات قصيرة، بحيث لا تنقصها الموارد المالية ولا بيع الطاقة ولا الأمور اللوجستية المعقدة، ولا الإعلام المساند داخلياً وخارجياً، وتتصدى لدول، غذاؤها الشعارات الوطنية، وعسكرة المجتمع، وصف حاشد من جنرالات تثقل صدورهم نياشين لم يخوضوا حروبها، وتفعل بها ما تريد، تجتزئ من حدودها، وتحتل مدنها، وتقتل وتنشر الفساد، وتسيطر على النفط، وتهرب الآثار، وتفتك بالمكتسبات الوطنية، وتبهدل جيشها الذي يقال عنه إنه نظامي واحترافي.
لعل أهم ما تعتمد عليه مدخلات الاستثمار في الشر، والتجارة بالإرهاب، بيع السلاح وملحقاته، وهو اليوم سوق كبيرة، والكل «يدبك» في ساحتها، الحكومات وبعض أجهزتها الأمنية، والشركات المتعددة الجنسيات، والمهربون وسماسرة السلاح، ورجال فاسدون في كل مكان، ووظائف ومراكز مرموقة، وعصابات تتاجر بالمخدرات والجنس والعبودية الجديدة، الكل يريد أن يغسل أمواله، ويبيضها، مثلما يريدون أن يبيضوا وجوههم القبيحة ليحولوها إلى وجوه خير أمام الإعلام الدولي، وأمام المراهنات السياسية، والمغامرات الجديدة.
تجارة الشر تكبر، وتتوسع لأن لها نهاية للموت، ما دام هناك أبرياء وفاسدون، ما دام هناك ذئب وحمل، وراع غير مسؤول عن رعيته، ولا نغتر كثيراً بطاولات المؤتمرات المستديرة، فحولها يتجمع لاعبون ماكرون تسيرّهم مصالحهم الوطنية الشخصية قبل الإنسانية، ولا نفع من بكائهم فدموع التماسيح لا تجف سريعاً.
الخوف أن هذا الاستثمار الشيطاني يكبر، بحيث لا تستوعبه الدول اللاعبة، ويصبح الأمر والنهي، وتحريك خيوط اللعبة في يد أجهزة وأفراد وشركات، خلقت لتعبث، وتعبث لتلعب لعبة فوضى يدعون أنها خلاّقة، يبحثون عن متناقضات المجتمعات، ونقاط ضعفها ليتسللوا لها، ومن خلالها ليمشطوها، ويمدوا خيوطهم العنكبوتية اللزجة، لتحريكها أو شلّ حركتها، المهم أن تتدفق خيراتها لجيوبهم، ومصالحهم الوطنية الضيقة، دونما أي أخلاق وقيم إنسانية وحضارية وجدت ليكون العالم بسلام دائماً.. وتسامح أبداً!