بقلم : ناصر الظاهري
معظم تهاني المواطنين بعام 2018 كانت من وحي ضريبة القيمة المضافة، والتي جاءت مبهمة، وغير مفهومة، ولم نعرف منها إلا «سنوات مضافة لعمرك المديد»!
المتشددون الذين يعتبرون الفرح والاحتفالية الجماعية لمناسبة مبتكرة بدعة، ومنكراً جديراً بالمحاربة، وتقليداً للغرب يقود للضلالة التي تورد إلى النار، وخاصة الـ«كريسميس» ورأس السنة الميلادية، وحتى السنة الهجرية، هؤلاء هنؤوا أصدقاءهم ممن يعرفونهم أنهم «سرسرية» برسائل هاتفية، تصحّي الضمير بعد منتصف الليل، وتقلب رؤوسهم ورأس السنة مثل: عام مضى هو عليك شهيد، وعام قادم هو عليك رقيب، أذكر الله، ولا تنسانا من الدعاء!
- الموظفون الملتزمون كانت تهانيهم مبكرة كعادتهم، خالية من الأخطاء ومرتبة سطراً وراء سطر، وكلها تبريكات بعام مليء بالعمل المثمر، والنجاح والتفوق والرقي والسؤدد!
- المصرفيون والمحاسبون رغم أنهم «أنخبصوا» قبل نهاية العام في ختام الحسابات السنوية، وضريبة القيمة المضافة، لكنهم رغم ذلك أرسلوا تهانيهم الخاصة جداً، والدقيقة جداً، والمحسوبة جداً: نتمنى لك 12 شهراً من السعادة، و52 أسبوعا من البهجة، و365 يوماً من النجاح، و8760 ساعة من الصحة، و525600 دقيقة من البركة والنعمة والرضا، و31536000 ثانية من الفرح، آملين في عام جديد كله «فائدة»: ومدخول، وجني أرباح، وتسهيلات، وسيولة تسر الجيب!
- الزوجات الوفيات أرسلن لأزواجهن الذين تعذروا بمأموريات العمل والسفرات المفاجئة، والمناوبات الطارئة، واضطررن أن يصدقنهم، وهن العارفات، أرسلن غير متحمسات: ودعت بك عاماً مضى، وأقبلت بك عاماً جديداً، يلي حياتي لك فدى، يا الله عسى أيامك كلها عيد، عيد رأس السنة، يوم يأتي كل 365 يوماً، لكن شخصاً مثلك يأتي مرة في العمر!
- الأزواج الذين قضوا رأس السنة في البيت، وزوجاتهم على رؤوسهم، أرسلوا رسائلهم جافة ومقتضبة وبلاستيكية بلا طعم، ونَفَسها قصير، وفيها غبطة، ولا تخلو من حسد!
- العاملون في مجال الطيران أرسلوا تهانيهم، وكلها تدور حول مغادرة عام، ووصول عام جديد، وكلمات مثل محطات العمر، توقف الزمن، أرضية الأحلام، وفي الختام يتمنون لك السلامة وطيب الإقامة، والأمان، وأن تمضي أيامك دون اضطراب أو تقلبات، لم ينقص إلا أن يزودوك برقم بدّالة المطار!
العاملون في الصحة كانت تهانيهم نظيفة، معقمة، وتكاد تشم منها رائحة النشادر، وكلها أمنيات - تبدو لو صدقت ستجعل سوقهم بائراً، وستفرح شركات التأمين- فيها الصحة والعافية، والعمر المديد، سنة خالية من أي ضغط أو توتر، كلها «ثقة» بالحياة، و«ضمان» العيش الرغيد!
ومني.. أتمنى لكل الناس الغالين أن يبعد عنهم الظلم والحسد والفقر والمرض، وأن يرزقهم ما يتمنون، وأولها الصحة والسعادة!