يا مساهر وحدك

"يا مساهر وحدك"!

"يا مساهر وحدك"!

 صوت الإمارات -

يا مساهر وحدك

بقلم : ناصر الظاهري

تستيقظ في منتصف الليل البهيم، ويقول لك جسمك: لقد اكتفيت من النوم! أو لعلها الساعة «البيولوجية» غير المنضبطة نتيجة النوم على أسرة في مدن مختلفة في أوقات متلاحقة، بحيث تصحو أحياناً، متسائلاً ومتثائباً أين موقعي من الجهات الأربع، ولا تدرك ذلك إلا إذا أمسكت بطرف السرير، وكأنه يعيد لك بعض توازنك المفقود.

في منتصف الليل، وحين برّقت عيناك، مثل عيون الشواهين، وددت لو أن أحداً كان مستيقظاً ساعتها، خاصة أولئك الأطفال الذين يظلون يترفسون، ويرافسون طوال الليل، تريد أن توقظ «سهيلة»، فتسمع ونينها من فوق الغرفة، وتقول: خليها.. حرام! لا تريد أن تنهض من سريرك، لكي لا يطير الرقاد، فتفكر لو أنك تستطيع أن تفتح التلفزيون، متمنياً فيلماً مشوقاً، بطلته «بروك شيلدز»، وحين تهم بفتحه، مع حرصك على تقصير الصوت، لدرجة لا تسمعه أنت المستيقظ، معتمداً على الترجمة فقط، تسمع صهيل «سهيلة»: «تراك.. حشرتنا! إذا تريد أن تشغّل التلفزيون روح الصالة». ولكني لا أريد أن أذهب للصالة، مثل ضيف أتى في غير وقته، ولا يعرف شيئاً في المدينة، وفلوسه قاصرة، تلوذ بالصمت، وتتمنى لو تغمض عيناك، تظل تتقلب، مرة جهة اليمين، ومرة جهة الشمال، مستدعياً النوم، ولكن مع أي حركة منك صامتة، تسمع تململ «سهيلة» وضيقها، وتبرمها، وكأنك طلبت منها أن تنزل المطبخ، وتصنع لك دلة قهوة، وكأنها ليست منغمسة في غطائها القطني الوثير، والنوم لا يفارق عينيها، تحاول أن تفتح هاتفك، فتمسك، خوفاً من أن تقبضك متلبساً في الهزيع الأخير من الليل، بجملة تحفظها: «أشوف تليفونات آخر الليل ما وقفت.. مع منو جالس تتسامر، تحسبني راقدة». طبعاً راقدة، ولكن بعين مغمضة، وعين مفتوحة، مثل نومة الذئب الأمعط، فتفكر في تصفح كتاب، لكن تقليب الأوراق، يوقف شعر «سهيلة»، خاصة في مساحة الصمت الليلي، تظل تهجَّم عليك الأفكار العجائز، وليس بنات الأفكار، فلا يخطر على بالك إلا واحد مريض، وواحد يتعالج في الخارج، وأخبار بعدم العافية، سمعتها في النهار، تتحسس عظامك، طارداً أفكار الهشاشة.

يظل الليل يمط ساعاته، كليل «امرؤ القيس» طويل، لا أذان قريب، ولا الفجر يبدو بائناً، فتخرج مغتنماً صبح المدينة، والندى ما زال يعطر وجهها، ولا «لابريوش» فاتح، حتى مطعم «اليمن السعيد» الذي يبكر في «الريوق» قدّامه ساعات! ليس اتعب من ليلة، تظل تحرس الجميع دون طلبهم، تتمنى فيها لو كنت سائق شاحنة، يبدأ يومه في الرابعة، بعد أن يتأبط أبريق الشاي، ورضمة خبز، ويتوكل على الله، وهو يتضارب مع الطرقات الوعرة.

المصدر : الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا مساهر وحدك يا مساهر وحدك



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 20:08 2018 الأربعاء ,23 أيار / مايو

طريقة تحضير السبرنغ رول بالخضار

GMT 13:02 2018 الثلاثاء ,03 إبريل / نيسان

المعلمون يعلنون عن أهمية التعلم في الهواء الطلق

GMT 23:21 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

آبل تستعد لبيع هاتفها المليار

GMT 16:04 2016 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

شروط جديدة للراغبين بشراء الوحدات العقارية على الخارطة

GMT 13:41 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

تراجع أعداد الحشرات يُهدّد بحدوث انهيار للطبيعة

GMT 00:46 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إبراهيم عيسى يؤكد أن حراسة النصر مسؤولية كبيرة

GMT 15:56 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

"سم العناكب" يعالج أحد أخطر أنواع السرطان

GMT 14:54 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تطبيق الرسائل الخاص بـ"فيسبوك" يختبر ميزة جديدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates