رماد الحرب ودخانها

رماد الحرب ودخانها

رماد الحرب ودخانها

 صوت الإمارات -

رماد الحرب ودخانها

بقلم : ناصر الظاهري

لم يكن للحرب يوماً وجه أنثى، فهي أقصى ما يمكن للبشاعة أن تكون، وهي محملة بأقسى أنواع المآسي، لا تترك مكانها فقط خرباً، ومصطبغاً بالرماد، لكنها تخلف حالات إنسانية ممزقة، وخاوية من الروح، وقابلة لأن تبايع الشيطان بأبخس الأثمان، هكذا هي الحرب في الداخل، وهي في الخارج نزيف لا ينقطع، وقصص دامية لأشباح لا يعرفون المكان، تنتقل بأعبائها المثقلة بالحزن والقهر وغلبة الرجال، تلفظها المدن الكبيرة، والمراسي تبعدها للمراسي، وكم للبحر أن يحتمل تلك الجثث المرمية والطافية، ومن يسلك من تلك المسافات كطيور مهاجرة، ويكاد يصل البر الآمن يجمده الزمهرير كتماثيل محروقة.

اليوم تتنازع قصص السوريين مدن لا تعرف الشفقة، ومدن تسمح بالنهش في اللحم الآدمي، ومدن ما عساها أن تفعل إلا الفرح بتلك المهنة القديمة قدم التاريخ، ومدن تخشى من أنفسهم عليهم، هكذا في كل ركن ثمة قصة لعائلة سورية مختبئة بالستر، وما يحزن، راضية بثقل تلك الريح على الرؤوس المنحنية غصباً، لا شيء يمكن أن يعوض ذلك الغدر الذي هجم فجأة، وقلب الحال لأسوأ مآل، وليت ذلك النزيف لشاب خاطر بنفسه إلى جهة بعيدة أو رمى حقيبته على ظهر البحر وتبعها بساعدين سيقويهما الموج والريح، وليت تلك القوافل لا تجر أطفالاً ورضعاً، وعجائز ستضطر القافلة أن تبني قبوراً على عجل على قارعة الطرق المتعددة، وليتها لرجال ودعوا السلاح، نحو فضاءات الحرية والعيش بهدوء، وتساقطوا واحداً واحداً، ولكن القافلة، هي أسر وبيوت متنقلة تسحب عذاباتها، وتجر آلام صلبها، ناشدة الخلاص قبل هبوط المخلّص، عائلات سورية كان يدفئها الستر، واليوم تبغي الدفء، ولو كان تحت جدار متهالك، بلا سقف ولا ستر، فمن يسوم الوجه، يخلع جلباب الستر، ذلك ما يحدّث به الليل في مدن كثيرة عن من لفظتهم الأرض بما رحبت، وعن الوطن حين يعجز الكف، وحين يكف البصر، وحين يسمح للديار أن تتناهبها الديار.

لمثل هذا يذوب القلب من كمد، إنْ كان في القلب إسلام وإيمان، من يريد الخير ويتتبع تلك القصص والحكايا الشامية، سيجد في زاوية باردة في مدن أوروبا ألف حكاية وحكاية، على أطراف هوامش الطرقات والقرى البعيدة ثمة حكايات عن جرح أريد له النزيف، ولن ينتهي، وعن حكايات عائلات لا غاية لها اليوم إلا الشرف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رماد الحرب ودخانها رماد الحرب ودخانها



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 04:59 2024 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات
 صوت الإمارات - علاقة مفاجئة بين شرب القهوة وبناء العضلات

GMT 15:23 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

تغير المناخ المستمر يشكل خطرًا على التوازن البيئي للطيور

GMT 17:51 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أشهر المطاعم العربية الحلال في جنيف

GMT 18:46 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

"سوني" تطرح بلاي ستيشن 4 في عدد من الدول

GMT 13:10 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

انطلاق المؤتمر الدولي للحد من الزئبق

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,01 شباط / فبراير

أفكار بسيطة لتجديد المنزل بأقل التكاليف الممكنة

GMT 23:13 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

الإضاءة الداخلية عنوان في هوية المكان

GMT 20:50 2013 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

إنفاق 237 مليار دولار سنويًا لدعم الطاقة في الشرق الأوسط

GMT 05:53 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسطنبول مدينة رائعة تحضن كل الأمزجة التي تنبض بالحياة

GMT 09:41 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

بحث مشاريع الطاقة بين الأردن ومصر والعراق

GMT 19:07 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة بطلة فيلم "لوليتا"

GMT 03:55 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إشادة كبيرة من الجمهور المشارك في حفل "الماسة كابيتال".

GMT 01:26 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير تشيز كيك التفاح بطريقة سهلة وبسيطة

GMT 10:14 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

إخراج عنكبوت صغير مِن أعماق أذن امرأة فيتنامية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates