بقلم : ناصر الظاهري
هالتني المبالغ المتحصلة لأميركا من شركة سيارات يابانية بلغت مليارات الدولارات، وهالني أن يصل الخراب لبعض السيارات الفارهة، لقد تفشت فيها «إنفلونزا الأعطاب» وهو مرض ميكانيكي، أول ما يضرب، يضرب «الشاصي» ويفك «البراغي» ولا يخلي «حَلّ بريك»، وتدخّن «الفيوزات» و«ترّوَح» عطبة في السيارة، فتضطر الشركات لسحب مبيعاتها أو مخزونها من شوارع العالم، لأنها فضيحة وطنية أضرت بسمعة البلاد وإنتاجها، وربما تصل إلى حد الإفلاس، والإضرار بالاقتصاد الوطني، وتعرفون معنى الفضيحة في التاريخ الياباني، سيف الـ«هيكارا» جاهز، ومعلق على الجدار، ما عليك إلا أن تخترطه من غمده، والسيوف اليابانية ماضية، مش مثل سيوفنا تظل تسنّه، وتسنّه إلى أن تتعب يدك، وعقبها ما يقطع «يرعبة»، فتمل من تنفيذ ما كنت مقدماً عليه بالتطهر من تأنيب الضمير، إذا وزير ياباني مرة اشتكى منه موظفو وزارته، لأنه يمر، وما يلقي عليهم السلام، فأشعرهم بالإحباط، وربى لديهم الاكتئاب، وأثّر في نسلهم المحدد والمقنن، يضطر الوزير أمام هذه الفضيحة المدوية إلى أن يتوارى عن الأنظار، ويتعهد بخدمة المعبد، وإذا كان هناك نقص في موظفي البلدية يحل محله، وبدون أجر!
اليوم آلاف السيارات تسحب، والأسباب «دواسة البنزين ومكابح الفرملة» أو «الوسادة الهوائية» قال يعني نحن اللي دارين بالقصة، والله لولا أميركا وسوقها الكبير، وأوروبا وتشددها الزائد، وإلا نحن خبر خير، صار لنا عشر سنين نستعملها، ولا اشتكينا، ما مسك «البريك» رحنا وأصلحناه في الصناعية، وإذا كانت السيارة جديدة دلعناها لمدة سنتين وأدخلناها الوكالة، وبعدها يحرم عليها تدخلها ثانية، طريق مصفح أقرب لها، وإذا لبسنا في «ليت من ليتات» الشارع، وما انتفخت الوسادة الهوائية في وجوهنا، قلنا: «أشوى، وربك سلّم ولطف، في الحديد ولا في البشر»!
عندنا.. بعض الوكالات المستوردة للسيارات صرحت كعادتها خلو سوق الإمارات من السيارات «المضروبة»، لأن سياراتهم غير عن سياراتنا، حتى تشعرنا أن الحق علينا، ومن العيب رد البضاعة بعد الاستعمال، شوف الأجانب يفلّون الـ«كاتلوج» فليّاً، ويعرفون شروط «الورنتي والكرنتي» ومراكز الخدمة في العالم، نحن يتم الـ«كاتلوج» في بيته البلاستيكي حتى يعلوه الغبار أو ندسه في درج من هذه الدروج، وننسى مكانه.
أنا بصراحة.. ومثلي الكثير لو اتصلت بنا الوكالة، وقالوا لنا: «والله سياراتكم عقب هالسنين من الكد ستخضع للإصلاح والتغيير.. بنشكك في عمارنا ووكالاتنا أولاً، بعدين بنحاتي الوقت، وكيف بندبر عمارنا بدون سيارة، وليش ما قالوا لنا قبل ما يبعونا إياها، وقبل كل شيء لن نصدق أن الوكالة ستصلح سياراتنا دون أن تدفعنا، ليش هي مرضعة أيتام»!