تناقض الجنازات

تناقض الجنازات

تناقض الجنازات

 صوت الإمارات -

تناقض الجنازات

بقلم : ناصر الظاهري

ثم فرق بين أن تودع لمثواك الأخير وسط حزن في القلوب، ودموع محتبسة في المآقي، وللخطوات الثقيلة نحو السكون الأبدي، وقعها المؤثر على أديم الأرض، وأن تلف في بطانية لا تدري لمن، وما فيها من تلوث، وعفن الرمي، تلك البطانية التي ستختصر كل حياتك وتاريخك والذي انتصرت فيه لشخصك دون كلمة التاريخ، فالتاريخ هو الوحيد الذي لا يظلم أحداً، وإنْ وجد ذلك الظلم، فسرعان ما تصححه سيرورة الزمن، وصيرورة الإنسان في إعمار هذه الأرض وتحضرها، وسمو قيمها.

مشاعر مختلطة ومتناقضة كلما افتقدنا فناناً من ذاك الزمن الجميل، والذي شكلّ ذاكرتنا، وعبّر عن لحظات حزننا وتجلينا، ورافقنا في مراحل العمر، وتقلبات الحياة، مثلما فعلت «شادية» التي كانت كظل من الحياة بارد، وظل في الذاكرة يشتعل، استحقت أن تشيع جنازتها بكل تلك الهيبة والوقار اللذين تستحق، وبكل تلك الدموع التي ذرفت عليها في بيوت الوطن العربي من محيطه إلى خليجه، وهم ينعونها مثلما ينعون حالهم وحال الزمن الجميل، وكلما فقدنا شخصاً كان يتمنى أن يكون أبدياً في مشهده المأتمي الأخير، لينزل من عليا الدنيا التي اعتلاها إلى قاع ذاكرة التاريخ، وإذلال المشهد الأخير من حياته التي لَم يخلص فيها إلا لنفسه، كلما مر مشهد الجنازتين، واحدة بحزن دفين، والأخرى بتشفي الفرح، أتذكر تناقض جنازتين، واحدة لفنان شكّل جزءاً من ذاكرة الناس، فسارت خلفه بمئات الألوف، وبحزن الملايين، وواحدة لرجل تغطرس على التاريخ، فذهب وحيداً تلفظه المدن.

وحدهم من فهموا التاريخ، أجبروا التاريخ على أن يمشي في جنازاتهم، هناك من لم يستمعوا يوماً لحكمة رجل بدوي، فهم التاريخ مبكراً، ولَم يقتدوا بأفعاله لإسعاد شعبه، ولا اهتدوا بأعماله للخير والبر والإحسان للإنسان في كل مكان، صديقاً وشقيقاً وإنساناً خالصاً، لروح زايد الرحمة والطمأنينة، والدعوات المخلصة من ملايين لم يعرفهم، ولكنهم يعرفونه، ويعرفون حكمته، وصدق عروبته، وبياض كفيه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تناقض الجنازات تناقض الجنازات



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 13:33 2017 الأحد ,24 أيلول / سبتمبر

مقتل صحافية أميركية وأمها السورية في تركيا

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 07:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يرغب في تخطي عقبة مضيفه باريس سان جيرمان الأربعاء

GMT 21:53 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

فائدة النعناع لعلاج احتقان الانف والتهابات

GMT 00:26 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

توقيف زوج الفنانة نانسي عجرم بعد قتله لصا مسلحا

GMT 06:46 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

غسل الشعر بواسطة البلسم فقط

GMT 15:28 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

الفساتين الصيفية" لإطلالة شاطئ مشرقة وأنيقة"

GMT 06:03 2014 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

افتتاح معرض كاريكاتير "نرسم لغزة" في رام الله

GMT 05:42 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحذية المدببة تتربع على عرش موضة الربيع لموسم 2016
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates