ستذكره العين كثيراً

ستذكره العين كثيراً

ستذكره العين كثيراً

 صوت الإمارات -

ستذكره العين كثيراً

بقلم : ناصر الظاهري

«سليمان الحوقاني» لم يمر على العين هكذا، كما يفعل العجلون المستدركون، لذا ستذكره كثيراً، مثل ما بكته كثيراً، كان يعرف كل بيت فيها، كما كان كل بيت يعرفه، كنت صغيراً أشاهده بالملابس الطبية البيضاء يتجول في مستشفى «كند»، أو خلف شباك صغير يصرف أدوية من صيدلية بحجم «القطيعة» في منازلنا القديمة، الأهالي سيطلقون عليه منذ أول يوم ارتدى فيه الملابس البيضاء الخاصة بالمستشفى لقب دكتور سليمان، وحينما استقل وافتتح أول صيدلية وعيادة، سيردد الواحد منهم: «رائح عيادة سليمان، أضرب إبرة، وراجع من صيدلية سليمان، مأخذ دواء»، كان يتجول أحياناً بحقيبة جلدية زائراً مريضاً أو معالجاً سقيماً، كان يعطي الحقن، ويركّب الأدوية، ويساعد الأطباء، بعد تخرجه في كينيا، حيث ذهب للدراسة، وهاجر للسعودية وقطر، لكنه عاد مع أول مستشفى يفتتح في العين، كان يتحدث بطلاقة الإنجليزية والسواحلية، وغيرهما.

وحين كبرت العين فجأة.. كبر الناس معها، وحين تغير المجتمع، تغير الناس معه، وحين فتحت علينا الدنيا، تبدل كل شيء، وزاول «سليمان الحوقاني» أعمالاً تجارية أخرى، لكنه لم ينس حلمه القديم بأن يتخرج أحد أبنائه طبيباً، تلك المهنة التي طالما عشقها ومارسها، وكان يحن لها، لم يترك سليمان الدنيا إلا وتلك المهنة تنتقل من الأب إلى الأبناء، فيما ظلت عيادة وصيدلية سليمان شاهدتين على الوقت والنَّاس، وتبدل الأحوال.
لقد مرّ زمن التحول والتغيير سريعاً حتى كدنا نعد الثلاثين عاماً عقداً من السنين، وحينما التفتنا قليلاً إلى الوراء، وجدنا أن «مستشفى كند»، وسليمان وعيادته، والوطر الجميل للأهل الأولين الطيبين، يفصلنا عنها أربعون عاماً ويزيد، يومها كنت أترأس تحرير مجلة «الظفرة» التي كانت غايتها: «الذهاب بعيداً في الوطن.. وعميقاً في الناس»، لقد فتشت عن «سليمان الحوقاني» الذي كان يعرف بيوت العين كلها، وكان الناس يعرفونه، أين هو الآن، وخشيت أن أسمع خبراً ينعى لنا «سليمان الحوقاني»، ونحن كنّا في غفلة، ولا ندري، هذا التوجس يرهبني كلما سعت بي قدمي لبيت قديم أو شخص من ذاك الزمن الجميل، لكن سليمان حينها كان حيّاً يرزق، لكنه توارى خلف الزمن والأعمال الجديدة، يومها فتح صدره للذكريات، وقال الكثير.. الكثير حتى دمعت عيناه، وأثقل على قلبه حديث الأولين، وتذكر وقع خطواته بحقيبته الجلدية وهو يذرع طرقات العين وبيوتها، ناقلاً الفرحة والبشارة والبسمة الغائبة لبيوت كانت تتألم من الوجع، راجية الشفاء على يد سليمان، فيدخل عليها تسبقه ابتسامته.

المصدر : الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ستذكره العين كثيراً ستذكره العين كثيراً



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:17 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 06:17 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

افتتاح معرض رأس الخيمة للكتاب بمشاركة 76 دار نشر

GMT 02:43 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العالم

GMT 08:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

تخريج الدفعة الأولى من برنامج قيادة الأعمال الإنسانية

GMT 18:45 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

معرض دبي العالمي للقوارب يعزز مكانته العالمية في 2015

GMT 21:44 2014 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية تشارك في معرض برشلونة للكتاب في دورته الـ32

GMT 01:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

جامعة كينياتا تمنح سيدة كينيا الأولى الدكتوراه الفخرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates