عدم الانحياز انحياز

عدم الانحياز.. انحياز

عدم الانحياز.. انحياز

 صوت الإمارات -

عدم الانحياز انحياز

بقلم : ناصر الظاهري

كان «سارتر» يقول: عدم اختيارك بين شيئين، معناه موقف، واختيار في الوقت نفسه، لأنك قررت أن تختار شيئاً آخر، لذا بنيت عنوان مقال اليوم عدم الانحياز، انحياز على الحال ذاته، «عدم الاختيار.. اختيار»؛ لأنها هكذا كانت «حركة عدم الانحياز» تعبر عن توجهاتها، رغم أنها حركة راديكالية، والمقصد من تأسيسها، عدم الوقوف إلى جانب أحد القطبين، أميركا أو الاتحاد السوفييتي، لكن كل الدول المنضوية تحت راية هذه الحركة، كانت تميل للاتحاد السوفييتي، وكثير منها كانت تتلقى المساعدات منه، وكثير منها كان الاتحاد السوفييتي يتكفل بمصاريفها لحضور المؤتمر، ولزوم اتخاذ المواقف المتشددة ضد الإمبريالية الأميركية، وبعضها كان مع أميركا مثل اليابان، وربما الجيل الجديد لا يعرف، ولم يتعرف إلى هذه الحركة التي ملأت الساحة السياسية العالمية ضجيجاً وخطباً رنانة وشعارات استهلاكية.

لذا ادخرت الوقت وأنا في إندونيسيا أن أزور مدينة «باندونغ» الشهيرة التي احتضنت مؤتمر آسيا وأفريقيا عام 1955، والدعوة لتشكيل «حركة عدم الانحياز»، والتي غدت واقعاً بعد ذلك المؤتمر بست سنوات، حيث عقدت مؤتمرها الأول في العاصمة التشيكية «بلغراد»، وقد عرف «مؤتمر باندونغ»، بالمؤتمر التاريخي، ونظراً لتطابق أفكار المؤتمرين وتوحد نظرتهما، أطلقوا عليها «روح باندونغ»، حضر هذا المؤتمر زعماء تاريخيون مثل، «جواهر لآل نهرو، وجوزيف تيتو وجمال عبد الناصر وأحمد سوكارنو»، وغيرهم، وجاءت كلمة عدم الانحياز «NAM» أو «Non- Aligned Movement» من خطاب «نهرو» في العاصمة السيرلانكية «كولومبو» عام 1954، حيث وضع أسس حركة عدم الانحياز، كانت التسع والعشرون دولة المشاركة في المؤتمر لمعظمها ولاءات لأميركا أو الاتحاد السوفييتي بالخفاء وعلناً، اليوم غاب الاتحاد السوفييتي، وبقي من محنطات التاريخ، وتقسمت وانشطرت دوله، وغيرت الشيوعية وجهها، وانقلبت الاشتراكية إلى رأسمالية مستغلة، وتهاوت أصنام زعماء الحزب الواحد من الساحات العامة، «وتَأَمْرَك» الرفقاء، وسقطت الرفيقات، وهرولت دول المنظومة الشرقية إلى حتفها، إما حروب أهلية إقصائية، وإما في حضن «اليورو» الذي لا يرحم، وإما مد اليد لروسيا الجديدة من بعيد، وتفردت أميركا بهيمنة القطب الواحد، وما زالت دول عدم الانحياز والبالغة 120 بلداً تجتمع تقريباً كل عام، ولكن بنبرة خطابات خالية من التشنج الكوبي، والعنجهية الثورجية التحررية، تذكرت ذلك وأنا أجول في «باندونغ» الجميلة، والنظيفة والعصرية والباردة بطريقة ما تختلف عن مدن إندونيسيا، والتي تحتاج لأربع ساعات لتصلها بسيارة تغرق في الزحام، سمة إندونيسيا، كانت نظرة مني كمن يلوم التاريخ على ذلك الفندق الرئيس، والفنادق المجاورة التي ضمت زعماء تاريخيين، وذلك المكان الذي كان صاخباً بانفعالاتهم، وخطبهم، وتجييشهم للشعوب، وقد تحول اليوم بصمت لمتحف يضم أوراقهم وصورهم القديمة، وضحكاتهم الباردة، وأشياء بقيت منهم في ذلك المكان العريق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عدم الانحياز انحياز عدم الانحياز انحياز



GMT 20:35 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -2-

GMT 21:33 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

«شايفة.. وعايفة» -1-

GMT 20:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

خميسيات

GMT 20:27 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مواء القطة الرمادية

GMT 19:03 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

الموكب الملكي المهيب

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 13:33 2017 الأحد ,24 أيلول / سبتمبر

مقتل صحافية أميركية وأمها السورية في تركيا

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 07:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يرغب في تخطي عقبة مضيفه باريس سان جيرمان الأربعاء

GMT 21:53 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

فائدة النعناع لعلاج احتقان الانف والتهابات

GMT 00:26 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

توقيف زوج الفنانة نانسي عجرم بعد قتله لصا مسلحا

GMT 06:46 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

غسل الشعر بواسطة البلسم فقط

GMT 15:28 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

الفساتين الصيفية" لإطلالة شاطئ مشرقة وأنيقة"

GMT 06:03 2014 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

افتتاح معرض كاريكاتير "نرسم لغزة" في رام الله

GMT 05:42 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحذية المدببة تتربع على عرش موضة الربيع لموسم 2016
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates